الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم
فالقلب هو مصدر روح الادراك الذى يتأثر ويؤمر بما تقوم به الجوارح وهو
لب العقل ومنبع الادراك الباطنى واعطاء الاوامر بالجوارح الظاهرة وهو محل
ومركزالشعوروالاحساس بالفرح والحزن والالم والندامة واللوم والحسرة وان الله لم
يخاطب عضوا من اعضاء الجسم كما خاطبها القلب خاطبه مرة للتعقل وتارة للتفقه ومرة
اخري للتذكرة واحيانا للخوف ومرة للطمانينة وتارة للرغبة والرهبة ووكل الله القلب
النجاة بيوم القيامة وخص به ولم يوكل الجوارح الاخري لانه هو المسئول فى تجنبه من
الشبهات والسلامة من الشهوات والضلال (يوم لا ينفع
مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ) والقلب السليم هو الذى استسلم
لله ونجى من عذابه وجاهد للشبهات والشهوات والشرك والزيغ والزلل والفواحش وكان دائما فى حالة الرغبة والرهبة
والخوف من الله والطمع فى جنته وعبد الله حق عبادته وقال صلى الله عليه وسلم ( يدخل الجنة اقوام افئدتهم مثل افئدة الطير ) فسعادة
المرءهو صلاح قلبه وشقاوته هو فساد قلبه واذا اسلم القلب من كل الاءافات من الكبر
والضلال والانحراف والشك وامراض الشبهات والشهوات واستقر الايمان والهداية على
اعماق قلبه ظهرت ءاثاره على باقى جوارحه وشهدت عليه (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا. وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا. وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ
جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا. إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا.
وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ
قَوَامًا) وهو المخاطب دائما ويوجه الله له الاوامر والنواهى لانه موضع الايمان
والكفر وهو المعاتب دائما لانه اذا استنار صلح الظاهر ورجع الى ربه سليما فنجت
الجوارح الاخري من العذاب واذا اظلم افسد الظاهر وهلكت الجوارح الاخري واذا دخل
نور الله ونور الايمان فى قلب العبد انشرح
صدره ويشعر حياتا طيبة واستقامت الجوارح وكاَن الله احياه حياة جديدة غير حياته
الاولى التى يعيشها قبل النور والهداية (اومن كان
ميتا فاحييناه وجعلنا له نورايمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها
كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون )
وهو مركز الهداية والبصيرة الحقيقي الذى اختص الله بها اما الهداية
واما الضلال (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ
وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا. قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) فيقصد
العبد هنا عمى البصيرة وليس عمى البصر لان موقف القيامة لا يحشر الله عباده عميانا
و ان كانوا فى الدنيا عميانا كان بعيد البصرعن الامور الدنيوية من جمع المال
والسلطة والجاه والشهرة وقد كان يستطيع
ويعرف كيف يدبرامور معيشته فى الدنيا وهذا لا يغنى عنه شيئا فى موقفه هذا ومع انه
كان قصير البصيرةباموره الاخروية وتغافل وتجاهل عمى عن الحق والتصديق بهذا اليوم
العظيم فحشره الله اعمى البصيرة ( انها لا الابصار
ولكن تعمي القلوب التى فى الصدور) تعمى
فالقلب هو العقل ذاته فليس هناك عضو ءاخر يسمى العقل فالقلب هو العقل
المحض والعقل هو القلب فالعقل هو الذى يعقل صاحبه ويحبسه ويمنعه من المهالك والزيغ
والزلل وطبيعة العقل هو ان يصلح ويهدى ويرشد او ان يفسد صاحبه وكذلك القلب ان صلح
صلح صاحبه وان فسد وزل وجحد فسد صاحبه ولهذا قرن الله القلب بالعقل كانهما عضو واحدلانه يمنع الجوارح من
الزلل والزيغ ويعقلها كما تعقل الناقة والدابة بدليل قول الله
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا
فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ
بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي
فِي الصُّدُورِ)
وكذلك يقر الكافر ويشهد على نفسه يوم
القيامة انه فى الدنيا ما كان عاقلا ومع انهم تقدموا فى التكنلوجيا الحديثة وهذا
العلم الهائل والترسانة المتطورة وعلم الفضاء ووصولهم الى كواكب اخري غير اللى
نعيش فيها وهذا من تفوق علمهم ومع انهم يقرون انهم كانوا جهلاء (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي
أَصْحَابِ السَّعِيرِ. فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ)
فيعترفون على انهم فقدوا علم وعقل البصيرة
وهذا هو الاصل فالعقل هو عقال الشىءويحجز ويمنع صاحبه عن الكفر والضلال وهوى النفس
فان منعك وصد عنك عقل البصيرة عن الهداية والايمان برب العالمين اذًا انت لست
عاقلا فهؤلاء وصفهم الله انهم اضل من الانعام سبيلا قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا
وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)
والابصاران فقدت فهى امرهين فهناك
جوارح اخري بديل عنه وعوض ومن الممكن ان يستغنى الانسان نعمة البصر اذا قايسنا عمى
البصيرة ولكن اذا فقد العبد البصيرة والعياذ بالله فلا بديل ولا عوض وكانه خسر
الدنيا والاخرة شقاء وضيق وضنك فى الدنيا وعذاب فى الاخرة
فالجوارح تاخذ الامروالنهى عن القلب
فهو محور ادارة الجوارح والجسد بشكل عام وموضع التحكم فالجارحة عبد مامورسيدها
القلب سواء امرها خيرا او شرافالجوارح لا تحرك ساكنا ولا تقوم بعمل الا بعدما تاتى الاوامر من القلب فمستحيل ان
تقوم الاعضاء باعمال تخالف بها القلب لان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ان
جميع الجسد مسئول عنه القلب ان صلح القلب صلح الجسد وان فسد القلب فسد الجسد هذا
يدل على ان الجسد تبع للقلب فهو يعتبر الباطن والجوارح الظاهرفمتى صلح الباطن صلح
الظاهرفمن هنا يتبين لنا ان الشهوة والتلذذ والاستمتاع العضو الوحيد الذى يتاثر
بها هو القلب وليس الاعضاء الاخري قال تعالى( فلا
تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض ) بين الله سبحانه وتعالي فى هذه
الاية ان الذى يحرك الشهوة هو القلب المريض وليست الجوارح ومع ان البصر تنظرولكن
تستمد الشهوة من القلب فان انكرها القلب فتكون نظرة البصر مجرد نظرة لا نظرة
شهوانية ولا تلذذ ولا استمتاع بقوله صلى الله عليه وسلم ( حدثنا وكيع عن شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن
بريدة عن أبيه أن النبي عليه السلام قال لعلي : لا تتبع النظرة فإنما لك الأولى وليس
لك الآخرة)
فالاولى هى نظرة الفجاة للعين ولكن اذا
اصاب القلب مرض الشهوة واستمتاع النظرة بالنساء
امر البصر ان تستمرفمن هنا تعاود البصر عن النظرة لان الامر
جاء من القلب ولم ينكرها ويقول ايضا صلى الله عليه وسلم (كُتِبَ
عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ
زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ
الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَالْخُطَا وَالْقَلْبُ
يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ) فانظر
اخى المسلم ان الاعضاء لم يقوموا الزنا الحقيقية
الا بعدما هوى القلب وتمنى واستمتع ومال الى الفحش والرذيلة وبعدها اعطى
الاوامر الى الفرج ونفذ الفرج ما امر به وصدقه فهذا الحديث بيان واضح ان الجوارح
لا تقوم الشر او الخير الا بامر من القلب فاعلم يا اخى ان صلاح القلب مقرون بصلاح
الجسد وفساده كذلك فان رايت شخصا ظاهره يدل على الفساد والانحلال والسوء فاعلم ان
قلبه اشد من ظاهره فسادا وميلا الى الانحلال لان بعض الناس يستترون ويخفون ظاهر
فسادهم عن الخلق يعظمون الخلق عن الخالق ولكن مهما استتروا وتخفوا عن اعين الناس
لا يقدرون ان يخفوا ظاهرهم وافعالهم ولو
اختفوا بظلمة الدجى لان مهما استتر احد سريرته الا اظهره الله على صفحات وجهه وحركاته وفلتات لسانه وحتى ان جاهدعلى ان يضمر فساده الا واظهره الله فالتسترغاية لا تدرك مهما اتعبت نفسك فالندامة والحسرة من كتم سوء سريرته
على الخلائق لارضائهم وكسب محبتهم واغضب ربه فى المعاصى فى السر والخفاء بعيدا على
اعين الناس نتيجة ان ينال كسب رضا العباد لان كلما اصاب القلب مرض العصيان لله كشفت
جوارحه ما يحمل فى باطنه واظهرته ومع الزمان سيظهرفلتات وزلات لسانه وصفحات وجهه
وخلانه عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي (وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- قال : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . ) يقول الله فى
الكفار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ
بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ
بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)
نهى الله فى هذه الاية الركون الى الكفار وان نطيعهم وان نتخذ معهم بطانة وهى
القرب والمودةوان نتخذهم دخلاء وولجاء وان لا نفضى اسرارنا لهم ولا نتخذهم اولياء
لانهم لا يضيعون فرصةالا وهم فى كيد المسلمين وعداوتهم مهما اظهروا على المحبة والمودة الكاذبة
الخادعة يبذلون كل الجهد ليسفدوا المسلمين ولكن يكتمون عداوتهم وافسادهم وراء ستار
كاذبة ولكن بدت من افواههم ما يخفون فى صدورهم ويقول الله لنا ان ما ظهرت لكم الان
ايها المسلمون مما بدت من افواه الكفار ما كانوا من عداوتهم امور يسيرة لان ما تخفى صدورهم اشد واكبر وراينا فى هذه
العصور الاخيرة ان الكفار كشفوا الاقنعة على وجوههم وكشفت واظهرت مدى
عداوتهم للمسلمين وما يخططون للمسلمين من كيد وخيانة وعداوة ولكن كل هذا هو ما بدت
من افواههم فقط اما ما تخفى صدورهم اشد واكبر وجعل الله القلب محل اختيار الهداية
لان الله يعلم ان القلب اذا اهتدى تبعته الجوارح بالهداية واذا انكر فسدت الجوارح
فال تعالى (ومن يؤمن
بالله يهد قلبه)
خص الهداية
بالقلب وليست الجوارح والقلب ايضا هو محل للتذكرة والعبرة والاستسلام لله(ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد )
فاصحاب القلوب الحى والصحيحة يتعظون وينتهون من
فعل المنكرات والفواحش ومخالفة امر ربهم كما كانت الامم السابقةخوفا من ان يحل بهم
مثل الذى حل بهم من العذاب وكل قلب سمع ما قد كان من الاحاديث والقصص من الامم
السابقة من العذاب والهلاك يتذكر ويحجم ويعتبر وان لم يعاين لان قلب المؤمن محل
للتذكرة لانه يسمع القرءان وكذلك ءايات
الله تشهد على ذلك فقلب المؤمن ينتفع ءايات الله فلا يغفل ولا يسهوا فيجمع قلبه
عند تلاوته او سماعه ويلقى سمعه ويتذكر
ويتعظ ويتاثر ويتامل ويقدر من يخاطبه ويتعظ وينزجر(ولقد
يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر) (ان فى ذلك لذكرى
لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد))
فالهلاك كل الهلاك والويل والاسى حين
يمرض هذا العضو مرض الشهوات والشبهة
والجهل ويقوده الشيطان حيث اراد
وعمى عن الحق اخذته العزة والكبر والحسد والعجب
فاجاب داعى الشيطان وغرته ملذات الدنيا وزينتها فاصبح الاهه هواه لا ينكر منكرا ولا يعرف معروفا اخى المسلم كل
نعمة انعمك الله ايًا كانت حجم قدرها وكثرتها من مال وجاه وسلطة لا تقدر بنعمة الهدى
والاستقامة ومعرفة الله وكل مصيبة اصابتك وحلت بك من مرض وفقر وفقد البنين مهما
كانت حجمها لا تقدر مصيبة الضلال والانحراف والكفر بالله اللهم لا تجعل مصيبتنا فى
ديننا فمرض القلب لا يقاس بمرض الجوارح الاخري فكل جارحة من جوارح الانسان اذا اصابها السقم والعطب او الاءفة او
اعاقة اقتصر بها فلا تفشى العدوة للاخرين الا الدماغ والقلب فان الدماغ ان اصابها
خلل اختل صاحبه ولكن صاحبة رفع الله عنه التكليف اما القلب اذا مرض واختار سبيل
الغى افسد الجوارح الاخري وافسد الجسد كله
وتحول الانسان الى اسواْ من الانعام والبهائم قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا
وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (فِي قُلُوبِهِم
مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَعَرْضِ الْحَصِيرِ عُودًا
عُودًا. فَأَىُّ قَلْبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَتْ فِيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَىُّ قَلْبٍ
أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حَتَّى تَعُودَ الْقُلُوبُ عَلَى قَلْبَيْنِ:
قَلْبٍ أَسْوَد مُرْبَادًا كالكُوزِ مُجَخِّيًا. لا يَعْرِفُ مَعْروفاً وَلا يُنْكِرُ
مُنْكَراً، إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ، وَقَلْبٍ أَبْيَض لا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ
مَا دَامَتِ السَّماواتُ وَالأرْضُ) ويعيشون دائما اصحاب مرضى القلوب فى
حسرة وضيق وظلمة وحيرة وبعضهم فى قلوبهم غشاوة وغلف فلا يستمتعون نور الايمان طبع
الله قلوبهم كان قلوبهم فى غلاف واكنة فاصبح
منتكسا ومنقلبا واحاطت به الران من كل جوانبه اصبح سقيما مريضا تتلاعب به الشياطين
والشهوات وملكته ولا يتعظ ولا يقبل النصيحة مقفول يكره سماع ءايات الله قلبا
غافلا لاهياساهيا لا يتجنب الذنوب ويتجراْ
بالمعاصى والشهوة غايته والانحلال مبتغاه كما
قالت اليهود (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم
بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا
غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ
عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) وبعضهم قلوبهم قاسية جافة لا حياة فيه ولا
نورضالته شهوته وملذات الحياة لا يهمه سخط ربه ولا غضبه همه اشباع غريزنه غرضه ومبتغاه دنياه مغمور مغموس فى الحرام وبسكرة
الهوي وحب الدنيا مخمور لا يحده حد ولا ينزجر بزجر لايخاف من صغائر الذنوب ولا
كبائرها ولا يتوب ولا يندم قال تعال (وَمَا أَرْسَلْنَا
مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ
آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً
لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ
مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ
عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
اما القلب السليم هو القلب الذى صاحبه استسلم لله
قلبا وقالبا ووجه وجهه لله خالف كل الشهوات التى تؤدى الى مخالفة الله وكل شبهة
وشك وانكر الزيغ والزلل والضلال والفتن التى تعرض له كل حين قوى ايمانه بوجود الله
وعبادة الرحمن ولا يشرك لربه احدا واصبح ابيضا شعشع به نور الايمان فى داخله فلا
يجيب داعى الشيطان اسلم من الشبهات
والشهوات اخلص عبادته لله وتوكل ربه واناب اليه اطمئن بذكر الله ووجل بسماع ءايات الله رضى بالله ربا وسلم الجسد والجوارح
وتبعته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ
مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا
هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
شفاه الله من الغى والزيغ والضلال والجهل والشقاء وذاق طعم السعادة الدنيوية
والاخروية وتغذى بالذكر والتهليل والتسبيح وتلاوة القرءان فاصبح نشطا بعبادة الله ابعده
الله من الهم والغم والحزن والغيظ (يَوْمَ لَا يَنفَعُ
مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)