Thursday, 9 July 2015

ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت، فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

فالقلب هو مصدر روح الادراك الذى يتأثر ويؤمر بما تقوم به الجوارح وهو لب العقل ومنبع الادراك الباطنى واعطاء الاوامر بالجوارح الظاهرة وهو محل ومركزالشعوروالاحساس بالفرح والحزن والالم والندامة واللوم والحسرة وان الله لم يخاطب عضوا من اعضاء الجسم كما خاطبها القلب خاطبه مرة للتعقل وتارة للتفقه ومرة اخري للتذكرة واحيانا للخوف ومرة للطمانينة وتارة للرغبة والرهبة ووكل الله القلب النجاة بيوم القيامة وخص به ولم يوكل الجوارح الاخري لانه هو المسئول فى تجنبه من الشبهات والسلامة من الشهوات والضلال (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ) والقلب السليم هو الذى استسلم لله ونجى من عذابه وجاهد للشبهات والشهوات والشرك والزيغ والزلل  والفواحش وكان دائما فى حالة الرغبة والرهبة والخوف من الله والطمع فى جنته وعبد الله حق عبادته وقال صلى الله عليه وسلم ( يدخل الجنة اقوام افئدتهم مثل افئدة الطير ) فسعادة المرءهو صلاح قلبه وشقاوته هو فساد قلبه واذا اسلم القلب من كل الاءافات من الكبر والضلال والانحراف والشك وامراض الشبهات والشهوات واستقر الايمان والهداية على اعماق قلبه ظهرت ءاثاره على باقى جوارحه وشهدت عليه (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا. وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا. وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا. إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا. وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا)  وهو المخاطب دائما ويوجه الله له الاوامر والنواهى لانه موضع الايمان والكفر وهو المعاتب دائما لانه اذا استنار صلح الظاهر ورجع الى ربه سليما فنجت الجوارح الاخري من العذاب واذا اظلم افسد الظاهر وهلكت الجوارح الاخري واذا دخل نور الله ونور الايمان فى قلب العبد  انشرح صدره ويشعر حياتا طيبة واستقامت الجوارح وكاَن الله احياه حياة جديدة غير حياته الاولى التى يعيشها قبل النور والهداية (اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورايمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون )
 وهو مركز الهداية والبصيرة الحقيقي الذى اختص الله بها اما الهداية واما الضلال (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا. قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) فيقصد العبد هنا عمى البصيرة وليس عمى البصر لان موقف القيامة لا يحشر الله عباده عميانا و ان كانوا فى الدنيا عميانا كان بعيد البصرعن الامور الدنيوية من جمع المال والسلطة والجاه والشهرة وقد كان  يستطيع ويعرف كيف يدبرامور معيشته فى الدنيا وهذا لا يغنى عنه شيئا فى موقفه هذا ومع انه كان قصير البصيرةباموره الاخروية وتغافل وتجاهل عمى عن الحق والتصديق بهذا اليوم العظيم فحشره الله اعمى البصيرة ( انها لا الابصار ولكن تعمي القلوب التى فى الصدور) تعمى
فالقلب هو العقل ذاته فليس هناك عضو ءاخر يسمى العقل فالقلب هو العقل المحض والعقل هو القلب فالعقل هو الذى يعقل صاحبه ويحبسه ويمنعه من المهالك والزيغ والزلل وطبيعة العقل هو ان يصلح ويهدى ويرشد او ان يفسد صاحبه وكذلك القلب ان صلح صلح صاحبه وان فسد وزل وجحد فسد صاحبه ولهذا قرن الله القلب  بالعقل كانهما عضو واحدلانه يمنع الجوارح من الزلل والزيغ ويعقلها كما تعقل الناقة والدابة بدليل قول الله
 (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)

وكذلك يقر الكافر ويشهد على نفسه يوم القيامة انه فى الدنيا ما كان عاقلا ومع انهم تقدموا فى التكنلوجيا الحديثة وهذا العلم الهائل والترسانة المتطورة وعلم الفضاء ووصولهم الى كواكب اخري غير اللى نعيش فيها وهذا من تفوق علمهم ومع انهم يقرون انهم كانوا جهلاء (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ. فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ)
فيعترفون على انهم فقدوا علم وعقل البصيرة وهذا هو الاصل فالعقل هو عقال الشىءويحجز ويمنع صاحبه عن الكفر والضلال وهوى النفس فان منعك وصد عنك عقل البصيرة عن الهداية والايمان برب العالمين اذًا انت لست عاقلا فهؤلاء وصفهم الله انهم اضل من الانعام سبيلا قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)   
والابصاران فقدت فهى امرهين فهناك جوارح اخري بديل عنه وعوض ومن الممكن ان يستغنى الانسان نعمة البصر اذا قايسنا عمى البصيرة ولكن اذا فقد العبد البصيرة والعياذ بالله فلا بديل ولا عوض وكانه خسر الدنيا والاخرة شقاء وضيق وضنك فى الدنيا وعذاب فى الاخرة
فالجوارح تاخذ الامروالنهى عن القلب فهو محور ادارة الجوارح والجسد بشكل عام وموضع التحكم فالجارحة عبد مامورسيدها القلب سواء امرها خيرا او شرافالجوارح لا تحرك ساكنا ولا تقوم بعمل  الا بعدما تاتى الاوامر من القلب فمستحيل ان تقوم الاعضاء باعمال تخالف بها القلب لان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ان جميع الجسد مسئول عنه القلب ان صلح القلب صلح الجسد وان فسد القلب فسد الجسد هذا يدل على ان الجسد تبع للقلب فهو يعتبر الباطن والجوارح الظاهرفمتى صلح الباطن صلح الظاهرفمن هنا يتبين لنا ان الشهوة والتلذذ والاستمتاع العضو الوحيد الذى يتاثر بها هو القلب وليس الاعضاء الاخري قال تعالى( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض ) بين الله سبحانه وتعالي فى هذه الاية ان الذى يحرك الشهوة هو القلب المريض وليست الجوارح ومع ان البصر تنظرولكن تستمد الشهوة من القلب فان انكرها القلب فتكون نظرة البصر مجرد نظرة لا نظرة شهوانية ولا تلذذ ولا استمتاع بقوله صلى الله عليه وسلم (  حدثنا وكيع عن شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي عليه السلام قال لعلي : لا تتبع النظرة فإنما لك الأولى وليس لك الآخرة)
فالاولى هى نظرة الفجاة للعين ولكن اذا اصاب القلب مرض الشهوة واستمتاع النظرة بالنساء  امر البصر  ان  تستمرفمن هنا تعاود البصر عن النظرة لان الامر جاء من القلب ولم ينكرها ويقول ايضا صلى الله عليه وسلم (كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَالْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ) ‏ فانظر اخى المسلم ان الاعضاء لم يقوموا الزنا الحقيقية  الا بعدما هوى القلب وتمنى واستمتع ومال الى الفحش والرذيلة وبعدها اعطى الاوامر الى الفرج ونفذ الفرج ما امر به وصدقه فهذا الحديث بيان واضح ان الجوارح لا تقوم الشر او الخير الا بامر من القلب فاعلم يا اخى ان صلاح القلب مقرون بصلاح الجسد وفساده كذلك فان رايت شخصا ظاهره يدل على الفساد والانحلال والسوء فاعلم ان قلبه اشد من ظاهره فسادا وميلا الى الانحلال لان بعض الناس يستترون ويخفون ظاهر فسادهم عن الخلق يعظمون الخلق عن الخالق ولكن مهما استتروا وتخفوا عن اعين الناس لا يقدرون ان يخفوا  ظاهرهم وافعالهم ولو اختفوا بظلمة الدجى لان مهما استتر احد سريرته الا اظهره الله على صفحات وجهه  وحركاته وفلتات لسانه وحتى ان جاهدعلى ان يضمر  فساده الا واظهره الله فالتسترغاية لا تدرك مهما  اتعبت نفسك فالندامة والحسرة من كتم سوء سريرته على الخلائق لارضائهم وكسب محبتهم واغضب ربه فى المعاصى فى السر والخفاء بعيدا على اعين الناس نتيجة ان ينال كسب رضا العباد لان كلما اصاب القلب مرض العصيان لله كشفت جوارحه ما يحمل فى باطنه واظهرته ومع الزمان سيظهرفلتات وزلات لسانه وصفحات وجهه وخلانه عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي (وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . ) يقول الله فى الكفار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ‏آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ ‏أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) نهى الله فى هذه الاية الركون الى الكفار وان نطيعهم وان نتخذ معهم بطانة وهى القرب والمودةوان نتخذهم دخلاء وولجاء وان لا نفضى اسرارنا لهم ولا نتخذهم اولياء لانهم لا يضيعون فرصةالا وهم فى كيد المسلمين وعداوتهم  مهما اظهروا على المحبة والمودة الكاذبة الخادعة يبذلون كل الجهد ليسفدوا المسلمين ولكن يكتمون عداوتهم وافسادهم وراء ستار كاذبة ولكن بدت من افواههم ما يخفون فى صدورهم ويقول الله لنا ان ما ظهرت لكم الان ايها المسلمون مما بدت من افواه الكفار ما كانوا من عداوتهم  امور يسيرة لان  ما تخفى صدورهم اشد واكبر  وراينا فى هذه  العصور الاخيرة ان الكفار كشفوا الاقنعة على وجوههم وكشفت واظهرت مدى عداوتهم للمسلمين وما يخططون للمسلمين من كيد وخيانة وعداوة ولكن كل هذا هو ما بدت من افواههم فقط اما ما تخفى صدورهم اشد واكبر وجعل الله القلب محل اختيار الهداية لان الله يعلم ان القلب اذا اهتدى تبعته الجوارح بالهداية واذا انكر فسدت الجوارح فال تعالى (ومن يؤمن  بالله يهد قلبه)
خص الهداية بالقلب وليست الجوارح والقلب ايضا هو محل للتذكرة والعبرة والاستسلام لله(ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد )
 فاصحاب القلوب الحى والصحيحة يتعظون وينتهون من فعل المنكرات والفواحش ومخالفة امر ربهم كما كانت الامم السابقةخوفا من ان يحل بهم مثل الذى حل بهم من العذاب وكل قلب سمع ما قد كان من الاحاديث والقصص من الامم السابقة من العذاب والهلاك يتذكر ويحجم ويعتبر وان لم يعاين لان قلب المؤمن محل للتذكرة  لانه يسمع القرءان وكذلك ءايات الله تشهد على ذلك فقلب المؤمن ينتفع ءايات الله فلا يغفل ولا يسهوا فيجمع قلبه عند تلاوته او  سماعه ويلقى سمعه ويتذكر ويتعظ ويتاثر ويتامل ويقدر من يخاطبه ويتعظ وينزجر(ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر) (ان فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد))
فالهلاك كل الهلاك والويل والاسى حين يمرض هذا العضو مرض الشهوات والشبهة  والجهل  ويقوده الشيطان حيث اراد وعمى عن الحق اخذته العزة والكبر والحسد والعجب   فاجاب داعى الشيطان وغرته ملذات الدنيا وزينتها فاصبح الاهه هواه  لا ينكر منكرا ولا يعرف معروفا اخى المسلم كل نعمة انعمك الله ايًا كانت حجم قدرها وكثرتها من مال وجاه وسلطة لا تقدر بنعمة الهدى والاستقامة ومعرفة الله وكل مصيبة اصابتك وحلت بك من مرض وفقر وفقد البنين مهما كانت حجمها لا تقدر مصيبة الضلال والانحراف والكفر بالله اللهم لا تجعل مصيبتنا فى ديننا فمرض القلب لا يقاس بمرض الجوارح الاخري فكل جارحة من جوارح   الانسان اذا اصابها السقم والعطب او الاءفة او اعاقة اقتصر بها فلا تفشى العدوة للاخرين الا الدماغ والقلب فان الدماغ ان اصابها خلل اختل صاحبه ولكن صاحبة رفع الله عنه التكليف اما القلب اذا مرض واختار سبيل الغى افسد الجوارح الاخري وافسد الجسد كله  وتحول الانسان الى اسواْ من الانعام والبهائم قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَعَرْضِ الْحَصِيرِ عُودًا عُودًا. فَأَىُّ قَلْبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَتْ فِيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حَتَّى تَعُودَ الْقُلُوبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: قَلْبٍ أَسْوَد مُرْبَادًا كالكُوزِ مُجَخِّيًا. لا يَعْرِفُ مَعْروفاً وَلا يُنْكِرُ مُنْكَراً، إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ، وَقَلْبٍ أَبْيَض لا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّماواتُ وَالأرْضُ) ويعيشون دائما اصحاب مرضى القلوب فى حسرة وضيق وظلمة وحيرة وبعضهم فى قلوبهم غشاوة وغلف فلا يستمتعون نور الايمان طبع الله قلوبهم كان قلوبهم فى غلاف واكنة  فاصبح منتكسا ومنقلبا واحاطت به الران من كل جوانبه اصبح سقيما مريضا تتلاعب به الشياطين والشهوات وملكته ولا يتعظ ولا يقبل النصيحة مقفول يكره سماع ءايات الله قلبا غافلا  لاهياساهيا لا يتجنب الذنوب ويتجراْ بالمعاصى والشهوة غايته والانحلال مبتغاه  كما قالت اليهود (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)   (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) وبعضهم قلوبهم قاسية جافة لا حياة فيه ولا نورضالته شهوته وملذات الحياة لا يهمه سخط ربه ولا غضبه همه اشباع غريزنه  غرضه ومبتغاه دنياه مغمور مغموس فى الحرام وبسكرة الهوي وحب الدنيا مخمور لا يحده حد ولا ينزجر بزجر لايخاف من صغائر الذنوب ولا كبائرها ولا يتوب ولا يندم قال تعال (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )       
اما القلب السليم هو القلب الذى صاحبه استسلم لله قلبا وقالبا ووجه وجهه لله خالف كل الشهوات التى تؤدى الى مخالفة الله وكل شبهة وشك وانكر الزيغ والزلل والضلال والفتن التى تعرض له كل حين قوى ايمانه بوجود الله وعبادة الرحمن ولا يشرك لربه احدا واصبح ابيضا شعشع به نور الايمان فى داخله فلا يجيب داعى الشيطان  اسلم من الشبهات والشهوات اخلص عبادته لله وتوكل ربه واناب اليه اطمئن بذكر الله ووجل بسماع  ءايات الله رضى بالله ربا وسلم الجسد والجوارح وتبعته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)  شفاه الله من الغى والزيغ والضلال  والجهل والشقاء وذاق طعم السعادة الدنيوية والاخروية وتغذى بالذكر والتهليل والتسبيح وتلاوة القرءان فاصبح نشطا بعبادة الله ابعده الله من الهم والغم والحزن والغيظ (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

Thursday, 2 July 2015

لو انزلنا هذا القرءان على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون

لو انزلنا هذا القرءان على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم
هل الجمادات والعجماوات والطيور  والسماوات والاراضين عندهم  ادراك واحساس وشعور تعرف ربها وخالقها وقدره ومكانة كلام الله  وهل يخافون ربهم وهل تتاثر بكلام الله عز وجل سبحانه وتعالى  ويعبدون ربهم فالجمادات جعل الله لهم ادراكات وشعور وتاثر  لا يعلمها الا الله وعندهم لغات يسبحون بها ربهم بلسان المقال وليس بلسان الحال ولا  يعلم احد لغتهم الا الله او رسول مرتضى من قبل الله سبحانه وتعالي ولا يستغنى  من الله  احدمن خلقه كل مفتقر الى ربه فقرا ذاتيا  لا ينفك عن احد منهم باى صفة ولا اى وقت سبحانه وتعالي فقرا بكل انواعه من تدبير الحياة والتقرب اليه  تعبدا له  وطلب الرزق والخوف منه والخشوع له والاستسلام به يخافون عذابه  ويرجون رحمته التى وسعت  بجميع خلقه فى عالم العلوى والسفلى ولا يستعجل الله بعقوبتهم ولا عذابهم بل يرحمهم ويعفوا عنهم ويمهلهم لان رحمته سبقت من غضبه فلا يعذبهم بغير ذنب ولا بغير خطيئة ولا يظلم الله احدا من خلقه سبحانه وتعالي ما داموا على الاستقامة  وعبادة ربهم كما امرهم ( ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وءامنتم وكان الله شاكرا عليما)
فلولا حلمه ورحمته وعفوه ومغفرته وتجاوزه على عباده لسقطت السماوات والارض وما ترك على ظهرها من دابة وكل يعبد ربه ويسبح له من حيوان وجماد واشجار وسماء وارض وجبال ولكن كل ينطق بلسان حاله ولغته التى  خلق الله بها كل يسبح بلفته ولكننا لا نفقه ولا نعلم بلفتهم ولسان حالهم والله هو الذى يحيط بها علما سبحانه جل شانه  (يسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) وليس الجن والملائكة والانس فقط  هم اللذين اختص الله بهم الادراك والمعرفة والاحساس والشعور والخشوع والتسبيح والخشية والخوف والخضوع باوامر الله بل ان الجمادات والعجماوات لديهم نفس التاثر والخشوع والخوف والخشية لربهم او ربما اكثر  من الجن والانس والملايكة كل له صلاة وعبادة وذكر وتسبيح وتهليل وتحميد بحسب حالتهم التى خلق الله بها ويسر الله بهم وكل ميسر بما خلق (ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) يبن الله ان بعض القلوب من شدة قساوتها وانكارها على الحق وبعدها من الخشية والخضوع فالجبال والصخور الصماء الين منها خشوعا وخشية وخوفا لربها فيقول الله عز من قائل( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللّه) من شدة غلظة وقساوة  الصخور والجبال الاصم بين الله فى هذه الاية لو نزل عليهم القرءان لخشعت وتصدعت وتشققت لفهمهم بما فيها من المعانى والحكم والاعجاز والعبر وتدبرهم بها من الوعد والوعيد ولكن قلب البشر من شدة قساوتها وغلظتها وانكارها بالحق اشد قساوة من الجبا ل قال تعالى (وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم) ( وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) فالله سبحانه وتعالى يسبح له جميع خلائقه من جمادات وعجماوات  وكل ماخلقه الله ولكن قلب البشر اذا ادبر  عن الحق وانكر وتولى وجحد صار اشد قساوة  من الصخور والجبال  التى اذا خوطبت على عظمة القرءان لانقادت وتذللت وتصدعت وتشققت من عظمته وجودة الفاظه وبلاغته ومواعظه التى تلين لها القلوب حذرا وخوفا من عقاب الله وكذلك هذه الجبال  والصخور جعل الله فيها الرقة والخشىة والخشوع كما قال تعالي جل شانه (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ولكن القلوب  اذا عصت خالقها اصبحت لا تنكر منكرا  ولا تعرف معروفاكما قال  النبى صلى الله عليه وسلم (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ )  فاعلم يا اخى ان الاحساس والشعور لعظمة الله وقدرته والخوف منه من عذابه وعقابه ليس مقصورا للبشر فقط فالجبال الصماء اكثر خشوعا وتذللا  وخشية وانصياعا باوامر الله من بعض قلوب البشرولم ينعت الله  على الجبال  بالقساوة والغلظة كما نعتها على قلوب البشر من الانكار والجحود قال الله فى حق الجبال  (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ولم نري فى حياتنا عبدا من عباد الله تشققت جوارحه واضلاعه وتصدع من خشية الله  مهما بلغ من  التقى والخوف من الله كما تتصدع الجبال وتتشقق وتندك اما لما ذكرلله فى كتابه العزيز على قلوب البشر نعتها بالقساوة قال تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)  ومع اننا وجدنا  بعض الناس اذا قرئء عليهم القرءان او سمعواقراءته يفرون منه ولا يتلذذون بسماعه ولا يحركون ساكنا  ولا تلين قلوبهم ولا يطمئن قلوبهم ولا يستمتعون  بعذب كلماته وحلاوته ونغماته لاهين تذهب عقولهم وتغشى اعينهم ولا تقشعر جلودهم بل يكرهون سماعه ويضيق صدورهم وكانهم اصبحوا  كما كانوا المشركون والكفار يقولون ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) ومع ان الله وصف عباده الذين يتدبرون القرءان عند تلاوته تقشعر جلودهم وتوجل قلوبهم من خشية ربهم وتطمئن قلوبهم وهم بين  الرهبة والرغبة سامعين صامتين فاهمين بمعانيه ثم تلين قلوبهم (انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله  وجلت قلوبهم ) ووصفهم ايضا فى موضع  ءاخر بعباده الابرار حين يسمعون ءايات الله ويفهمونه ويتدبر ون فى الخشوع والخضوع بما فيه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر جلودهم من الخشية والخوف ( الم يان لذين ءامنوا ان تخشع قلوبهم  لذكر الله وما نزل من الحق )
 اما الجبال  فانظر كيف  امر ربها  ان تردد  بقراءة نبى الله داؤود عليه الصلاة والسلام( ولقد آتينا داود منا فضلا ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد)  وتئوب الجبال الراسيات الصم الشامخات تسبح بتسبيحه   وكانت الطيور  والهوام والزواحف يتجمعون عنده ويستمتعون ويتلذذون  بنغم صوته العذب  لانه اوتى  واعطاه الله صوتا نديا عذبا مزمار من مزامير ءال  داؤود  وهذا يدل على ان كلام الله لا يستمتع ولا يتلذذ بها المؤمنين فقط انما الجبال والطيوروالزواحف يستمتعون ويتلذذون ءايات الله وتقشعر جلودهم ويطمئنون  وقد ذكر فى الاثر ان الطيور لا يتحركون مكانهم طيلة قراءة نبى الله داؤود وينصتون ويستمعون اجلالا بكلام الله اخى المسلم هذا هو حال الجبال  الذى نحن نسميها جمادات بينهم وبين ربهم صلة يامرهم   ان يرددوا  قراءة نبى الله  داءود  وهناك جبل ءاخر  لم يقدر يتحمل عظمة الله وجلالته لما تجلى الله له اى ارى الله  الجبل ذاته العلية سبحانه وتعالى اندك الجبل وتحطم من عظمة الله ولم يقدر يتحمل هيبة الله وجاهه وعلو شانه وموسى عليه الصلاة والسلام  سقط مغشيا ولم يقدر يتحمل  الموقف وما حصل امامه(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ونحن البشر كل ليلة  ينزل الله جل شانه الى سماء الدنيا فى الثلث الاخير من الليل نزول يليق  بجلاله وكماله وعظمته وينادى هل مستغفر فاستغفره وهل من تائب فاتوب عليه فلا احد يسمع ويجيبه كلهم فى سبات ونوم عميق الا من رحم الله له فكذلك الجبال اشفقت من حمل الامانة فخافت من حمل ادائهافهى امانة تكليف كانت تخييرا وليست الزاما  لهم لان التكاليف التعبدية ليست اختيارا انما هى الزاما واجبارا لان رفضها تؤدى الى معصية الله فابت الجبال مجردالعرض عليها من غير معصية لانها عرفت بثقلها وعدم قدرتهاعلى ادائها بوجهها الاكمل فابين هذا العرض فقالوا ربنا اننا لا نطيق علي ادائهاوسبب رفضهم كان خوفا وخشيةوتعظيما لدين الله واوامره خافوا مخالفة امر الله ان حملوا هذه الامانة لانها ليست بامر الهين وهكذا الجمادات كلها خاضعة لاوامر الله يخافون مخالفة امر ربهم وحملها الانسان واصبح ظلوما جهولا (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) فانظر كيف يحمل العبد امانة الله وشرعه ووحيه ومنهاج حياته ثم يضيعها ويهملها فبنوا اسرائيل حملوا امانة التوراة ولكنهم لم يحملوها حق حمله ولا هم ادوا حق الامانة فيضعوها  فاصبحوا كمثل الحمار يحمل اسفارا ولا يفهم هذا الحمار ما يحمل ولا يستوعب ما اللذى حمل به لانه ليس اهلا بما حمل به كانهم حملوا بدون ان يستوعبواولم يحفظوها ولم يطبقوا شرع الله على حياتهم ولم ينصاعوا ما امر الله بهم انما حملوا فحسب فشبههم الله الحمار الذى يحمل اسفارا ولكنه لا يعرف ما يحمل قدره (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) واما جبل احد فانظر كيف شعر واحس ان على فوقه نبى الله وسيد الخلق واشرف الخلق وسيد ولد ءادم واصجابه الاخيار الابرار ارتجف اكراما لهم وترحيبا واعتزازا بمن على ظهره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثبت يا احد فان على ظهرك نبى وصديق وشهيد ولكن فى زمننا هذا وجدنامن هو اقل شعورا واحساسا للجبال واقل منهم خلقا واحتراما للنبي واصحابه فمنهم من يشتم النبي ويسبه لعنهم الله وجمد الله دمهم على عروقهم وقاتلهم الله ومنهم من يشتم ويسب  اصحاب رسول الله وهم من بنى جلدتنا واخواننا فى الدين ويلعنون اصحاب رسو ل الله جهارا علنا ولا يحترمون صحبتهم مع رسول الله والصجابة هم الذين قال الله فى حقهم ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا . ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما)  اليس هذا الكائن الذى يلعن اصحاب رسول الله اقل شعورا واحساسا واحتراما وخلقا من الجبال الاصم اليس هو اقل عقلا وادراكا من الجماد اليس هذا الكائن قلبه قاسيا اشد قساوة من الجبال والصخور الصماء لان احد ارتجف لتعظيمهم وهذا يلعن اليس هذا الكائن الجبل اكثر منه احتراما وخلقا وادراكا بقدر ومكانة اصحاب رسول الله الابرار الاطهار ومن  الذى حرم عنهم الاحترام اصحاب رسول وان يدركوا قدرهم ومكانتهم اليس رب الجبال هو ربهم 
                                                                                                     
وهذا جذع حن لرسول الله بفراقه وبكى بكاء شديدا حتى سمعوا اصحاب رسول الله ببكائه وانينه كان رسول الله قبل ان يتخذ  منبرا   كان يخطب على جذع يبس فلما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منبراتحول فحن الجذع  حتى اخذه يحضنه فقال صلى الله عليه وسلم لو لم احضنته لحن الى يوم القيامةفكان يحن الجذع حنين الناقةعلى ولدهاحتى سمع الصحابة صوته كصوت العشاروهو الم وانين وشوق حتى ارتج المسجد انينه فوضع رسول الله يده الشريفةعليه فسكت انطر هذا الشوق العظيم لجذع  يابس فارقه نبي الله جذع صماء لم يتمالك فراق رسول الله ينوح  كما تنوح الناقة التى فقدت ابنهاويصدر عنه انين  فقال رسول الله ان هذا بكى لما فقد الذكر فانظر كيف يشعر ويحس الجذع بفراق النبى وفقدانه بذكر الله
وكذلك الارض تشهد علينا فتخبر كل افعال العباد ما فعلوه على ظهرها من خير  وشر يوم ان يوحى الله اليها فتخبر كل شىء (يومئذ تحدث اخبارها بان ربك اوحى لها) لاننا نعيش على ظهر الارض تارة وفى باطنها تارة اخري وتشهد علينا كل شىء لانها شاعرةالان بما يحصل فوق ظهرها وبما يحصل فى باطنهاحين يدفن الانسان فى با طنها ويوم تقوم الساعة ياْذن الله لهاويوحى اليها ان تشهد بكل ماتحمل من اخبار العباد حتى يندهش الخلائق فيقولون(وقال الانسان مالها ) فاعلم يا اخى انه لا يضيع كل عمل قمت به سواء كان خيرا او شرا سواء شهدت عليك الارض او المكلائكة المكلفين الذين يتعاقبون عليك ليلا ونهارا او جوارحك (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)  قراْرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية يومئذ تحدث اخبارها قال اتدرون ما اخبارها قالوا الله ورسوله اعلم قال فان اخبارها ان تشهد على كل عبد ااو امة بما عمل على ظهرها فتقول عمل يوم كذا وكذا فهذه اخبارها وايضا الارض تسجل وتكتب وتحتفظ  كل خطوة خطوت بها على ظهرها وءاثارك الى اين خطوت بها ومشيت فان استطعت ايها المسلم ان تكتب ءاثارك فى طاعة الله فبادر فلا بد ان تحاسب نفسك اى اثر ساخلف هذه الدنيا لان الله سيحاسبك بكل خطوة خطوتهافلا تكونن لمن لم يخلف فى الحياة الدنيا  اثر خير قال تعالى ( انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم وكل شىء احصيناه فى امام مبين ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بشر المشائين فى الظلم الى المساجدبالنور التام يوم القيامة) وقال ايضا صلى الله عليه وسلم (صلاة الرجل فى الجماعةتضعف على صلاتهفى بيته وفي سوقه خمسا وعشرون ضعفا وذلك انه اذا توضافاحسن الوضوء ثم خرج الى المسجد لا  يخرجه الا الصلاة لم يخطوا خطوةالا رفعت له بها درجةوحط عنه بها خطيئة فاذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه اللهم صلى عليه اللهم ارحمه ولا يزال احدكم فى صلاة ما انتطر الصلاة )
والحجر اللذى كان يبشر رسول الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وهو فى مكة قبل البعثة وكان يقول له السلام عليك يا رسول الله  ولما اظهره الله على قومه بالرسالة والنبوة نال منهم الانكار والسب واتهموه بالسحر والكهانة  فيا عجبا كل العجب الحجر الاصم يبشره وينطق  بالنبوة والرسالة قبل البشر واصبح افصح واصدق من اصحاب البلاغة فانظر هذا الحجر يفرق بين النبى وغيره فيعرفه انه نبى الله وقومه يتهمونه بالكذب والجنون قال صلى الله عليه وسلم (انى لاعرف حجرابمكة كان يسلم على قبل ان ابعث انى لا اعرفه الان ) وعن على رضى الله عنه(كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا فى بعض نواحيهافما استقبله جبل ولا شجر الا وهو يقول السلام عليك  يا رسول الله )
ومن معجزات  رسول صلى الله عليه وسلم  خرج يوما ليقضى حاجته فاذا هو  بارض خلاء لم يجد ما يستتربه فاذا بشجرتين فى تلك الوادى كانت بعيدتين عنه جائته وقربت عنه فاذا هم يستران رىسول الله  حتى يقضى حاجته فلما  قضى حاجته رجعا مكانهما ومنافقى المدينة ينالون عرض رسول الله وشرفه وكرامته يتهمون ويقذفون الصديقة بنت الصديق بالزنا العفيفة الطاهرة التى براها الله من فوق السبع السماوات احب الناس الى رسول الله لما سالوا رسول الله من احب الناس اليك قال بدون تردد عائشة سبحان الله الجمادات يستران سوءة رسول الله وهؤلاء المنافقين ينالون عرضه ومع الاسف الشديد فهناك قوم ينتمون بديننا ويتوجهون بقبلتنا ويشهدون معنا التوحيد ما زالوا يؤمنون ويصدقون بهذه الفرية ومع ان الله يقول فى كتابه العزيز (يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا ان كنتم مؤمنين* ويبن لكم الاءيات والله عليم حكيم) وهل نسمى هؤلاء انهم ليسوا بمؤمنين بدليل الاية وقد منعنا الله ان نخوض فى هذه الفرية الكاذبة مرة اخري لان الله وضح بكذب المنافقين وافكهم وهل هم اعلم من الله لان الله يقول  والله عليم حكيم(سرنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى نزلنا واديا أفيح(واسع)، فذهب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي حاجته فأتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم ير شيئا يستتر به، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى إحداهما، فاخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليَّ بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش(المنقاد من أنفه)الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي عليَّ بإذن الله، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمِنْصَف(نصف المسافة) بينهما لأَمَ بينهما - يعني جمعهما فقال: التئما عليَّ بإذن الله فالتأمتا .

وفى عام الفيل فى سنة مولد رسول الله ل الله عليه وسلم هاجم ابرهة مكة الذى ارسله ملك الحبشة النجاشى وقد كان   يحكم اليمن  ءانذاك خرج من اليمن جاءالى مكة وعزم ليهدم الكعبة المشرفة حجرا حجرا ويجمع


  وياخذ احجارها ويبنيها فى اليمن وهو كان يعرف قدرها ومكانتها وعظمتها لانه كان يدين المسيحية جاء بالجنود والفيل ولما قربت الفيل الى مكة رفضت دخول مكة وبرك وتمرد وحين ما يوجهون الفيل  الي طريق اليمن قام  وتتحرك مهرولا ولكنهم حين يوجهونهم الى الكعبة امتنع سبحان  الله عرفت الفيل قدر ومكانة الكعبة ولن ترضى مهاجمتها ولا هدمها ولا تريد ان تشارك بهذا الظلم لبيت الله عرفت الافيال شرف الكعبة وقدرها وهذااللعين الطالم يعرف مكانة الكعبة وقدرها ومع انه يصر لهدمها واعتداء حرمتها ومع انه كان يدين دين المسيحية وكانوا يعرفون مكانتها وقد بناها نبى ابراهيم عليه افضل الصلاة وارسل الله طيرا ابابيل لتحمى وتدافع حرمة الكعبة الشريفة من ظلم البشر فجعلتهم كعصف ماكول الطير والافيال  عرفوا مكانة البيت الله الحرام والبشر اتى ليهدمها   (الم تر كيف فعل ربك باصحاب االفيل الم يجعل كيدهم فى تضليل وارسل عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كغصف ماكول )                                                                    وكذلك الطيورهم جند من جنود الله يطيرون ويحومون حول الارض ويهاجرون من منطقة الى منطقة ومن بلد الى بلد باداء مهمة تخدم بمنفعة عباد الله ويتحسسون ويتفقدون بما يحصل بين العباد ومراقبة البشر ماذا يدينون وكيف يعبدون ربهم وهل هم يعصون ربهم ام يطيعونه فسبحان الله حتى الطيور يعرفون الشيطان ومن هو وانه يضل البشر ويامرهم بالفواحش ويزن لهم الاعمال السيئة والشرك  فيصدون عن سبيل الخير ويمنعون منهم الهدايةفهذا يدل انهم يعبدون ربهم ولا يطيعون الشيطان ويبحثون ارضا وخلقا لا نعلمها نحن البشر وهذا هد هد سليمان عليه الصلاة والسلام حين فقد الهد الهد ولم يجده قال (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ )               جائت بنبا يقين متيقن لا فيه شك  ولا كذب ان هناك امراة لها ملك عظيم وعرش عظيم تملك قوما  ولكنهم يعبدون الشمس من دون الله فزين لهم الشيطان اعمالهم واضلهم فصد عنهم الهداية وعبادة الله فقالت ياستغراب شديد وتعجب بعبادة البشر لغير الله الذى خلقهم ورزقهم (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) وكان هذا الهدهد داعيا الى الله يخدم الدعوة وكان ياخذ الكتاب والرسائل من نبى الله سليمان عليه الصلاة والسلام الى المشركين ويبلغهم الدعوة وقد امرنبى الله سليمان الهدهد بالتولى وحسن الادب مع الملوك بتادب وتوقيرهم وان ينتظر منهم الاجابة حتى ياتى  بهاالى نبى الله سليمان عليه الصلاة والسلام (قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين، اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون)