بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
ان ديننا لم يأمرنا بالرهبانية انما ذم الرهبانية وسماها بدعة وخلافا بما امرنا الله سبحانه وتعالى ولم يكتب علينا
ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون(26) ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون (27)
لم يأمرنا الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ان نأكل ونلبس الخشن والا ننام ونبتعد عن جماعة المسلمين وان نسكن الجبال والكهوف ونعيش في خلوة بعيدا عن المسلمين ظننا ان هذا تعبدا لله وتقربا اليه وطلبا في اجره
وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" ((متفق عليه)).
وان الله جعلنا خلفاء الارض وان نعمر الارض ونتعلم العلم ونكسب الحلال واذا انقطعنا عن الدنيا واشتغلنا بعبادة الله وحده فمن الذي يقوم بخلافة الارض وتعميرها
قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون)
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم)
وليس طلب الرزق وجمع المال والجاه والسلطة امرا مذموما اذا كان الطلب مما يبيح الله
قال تعالى (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) واجاب الله بطلب نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام وجعله ملكا وغنيا وذوا ملك
(هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
اذاً هذه الاءية تدل على ان التوسع في العلم والمال والجاه ليس امرا محرما ولا مذموما لان الله خلق الكون بما فيه من نعم وخيرات من اجلنا ولم يخلقها عبثا ولا ان ننقطع عنها
ونبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام طلب من الملك ان يجعله خازن الملك لانه حفيظ عليم (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)
ونبي الله داوود ءاتاه الله الملك والحكم والنبوة ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)
ولم يأمرنا الله ان نلبس الخشن والمرقع ولباس الصوف المختص بالرهبان قال تعالى ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)
وقد امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نغتسل بالجمعة والاعياد ونلبس لباس البيض والجديد وامر الرجال ان يتعطروا وان يحضروا الجمعة والجماعة
قال رسول الله (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَحَبِيبٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَهِشَامٍ، - فِي آخَرِينَ - عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ يَوْمَ الْعِيدِ . قِيلَ فَالْحُيَّضُ قَالَ " لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ " . قَالَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لإِحْدَاهُنَّ ثَوْبٌ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ " تُلْبِسُهَا صَاحِبَتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا ")
ولم يأمرنا الله بانقطاع عن الدنيا وجماعة المسلمين وحضور الجماعات والجمعة
انما امرنا ووجب علينا بحضور الجمعة والجماعة وطلب الرزق قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 9 ) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)
ولم يأمرنا الله ان نأكل الخشن من الطعام انما اباح لنا من صنوف الطعام والطيبات ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
فمن اين هؤلاء الرهبان من كل هذه الادلة الواضحة والاءيات الباهرة الساطعة المنيرة الذين ينقطعون عن الدنيا وينفرون من جماعة المسلمين الى الكهوف والجبال والخلوة عن خلق الله ويتفرغون للعبادة فقط ويدعون انهم زهاد عباد صوامون قوامون ويقتنعون بالقليل ما هي ادلتهم وما دليلهم ولم يعلموا هؤلاء ان رسول الله بارك امته في بكورها
وان يد العليا خير من اليد السفلى وان العمل عبادة
ويقول الله سبحانه وتعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
ويقول ايضا في موضع ءاخر (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ( 6 ) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ( 7 ) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ( 8 ) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ( 9 ) والنخل باسقات لها طلع نضيد ( 10 ) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج)
No comments:
Post a Comment