Monday, 24 November 2014

اين السعادة 2

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ)
شاء الله وقدر ان تكون الدنيا فترة محددة وزمن وجيز وهي دار ممر وليست هي دار مستقرٍ وجعل لها اجلا محددا وكل واحد منا لا يتجاوز مما حدد له من اَجلٍ ورزق وشقاءٍ وسعادة وفقر وغناء وصحة ومرض (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) قال رسول الله (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ ‏ "‏ يَا عَبْدَ اللَّهِ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ ‏")
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
فاعلم يا اُخي ان الدنيا هي دار مزرعة للأخرة وليست دار جزاء ولا عقاب وهي متاع متروكة ولا محيص ولا محيدة وهي تضمحل ومن الافضل ان تجعل هذا المتاع وهذه الملذات والشهوات طاعة لله وهي تهيئة النفس وتجهيز الزاد الى ما بعد الموت فاذا انقضت هذه المدة المحددة وانتهت وجودها ووقفت امام الله يوم القيامة حاسب الله خلقه باعمالهم جليلها وحقيرها 
من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس وإن المرء ذائقها 
الموت باب وكل الناس داخله     فليت شعري بعد الباب ما الدار 

النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت ***** أن السعادة فيها ترك ما فيها 
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها ***** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه ***** وإن بناها بشر خاب بانيها 
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يردد (وعن أنس ، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏”اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة‏"‏
ومن البديهي والعقل السليم والنفس السوية لا تعد النفس ولا تحب بشيء غير مستقر ولا يدوم ولا يتمتع بها الا ءاجالا وسنين يسيرة 
انما النفس تحب السعادة الدائمة والعمر الطويل والنعمة الغير المنقطعة والصحة والراحة والاطمئنان وملك لا ينتهي وكراهية الموت وحب الدنيا وانشغالها وجمع المال والذهب والفضة والاولاد وكل هذا لا يجد فيها الدنيا الفانية (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها ***** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنةً ***** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها 
فكم مدائنٍ في الآفاق قد بنيت ***** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها 
لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيها ***** فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها 
لكل نفس وان كانت على وجلٍ ***** من المَنِيَّةِ آمالٌ تقويها 
المرء يبسطها والدهر يقبضُها ***** والنفس تنشرها والموت يطويها 
فالمال تارة يكون نقمة عليك ويفسد بها دنياك واخراك وكم من الملوك والاغنياء واصحاب الحيثيات الذين ملكوا المال والكنز والقصور انتحروا من اجل بحث السعادة ومع انهم يملكون بكل ما طاب ولذ وجمعوا المال يدعون انهم لم يجدوا السعادة في الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها ) (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون   

واما الاولاد فليس هم السعادة الحقيقية ولا المستقبل المنتظر وهم اقرب الاقربين وانما هم في بعض الاحيان فتنة لك لدينك ودنياك ابتلاء من الله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم
فليست المرأة ذات الحسب والنسب والجمال وذات المنظر الجذاب ليست هي السعادة بذاتها فان بعض النساء من تفسد دنياك واخراك وتقطع صلة ارحامك وتفسد العشيرة بين الاهل وشتت اسرة باكملها ومزقت شأفتها وفرقت بين الاخوات والوالدين فكم من زوج قطع ارحامه من اجل ارضاء زوجته واخذ والديه الى مساكن ودار العجزة والمسنين لتستريح زوجته من والديه ( ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم
(ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى
فالمرء لا يدري اين هي مكمن السعادة ومخبئها ومحورها وسلامة نفسه وارتياح باله ولذة عيشه ومستقبله ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم )  فابن نوح عليه الصلاة والسلام اختار الموت والهلاك برؤيته وعقيدته السقيمة بدلا من سعادة الدنيا والاخرة (قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)  
وفرعون لما شق الله البحر وانفلك لينجي موسى عليه الصلاة والسلام ومن تبعه من قومه فاتبع فرعون بغيا وعدوا ظننا منه ولرؤيته ان يقطع دابر موسى عليه الصلاة والسلام ومن ءامن معه وكانت نهايته وهلاكه واغرقه الله البحر (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
ونبي الله يونس عليه الصلاة والسلام ترك قومه من غير امر من ربه لما عصوا قومه ولم يطيعوه تركهم ظننا انه يستريح منهم ويبتعد عن ءاذاهم ولكن كانت عكس مما ظن فادخله الله في ظلمات ثلاث (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ
فاصحاب الجنة لما ارادوا ان يمنعوا صدقة الحصاد من جنتهم وحرمانهم على الفقراء حتى لا ينقص مالهم كانت حرمانا لهم ولجنتهم (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
 وقوم هود عليه الصلاة والسلام لما رأو سحابتا عارضا ممطرة ظننا لرؤيتهم واعتقادهم انها سحاب تحملهم غيثا استعجلوا اليها واتوا ناحيتها فرحين مستبشرين ولكن كانت نقمة لهم ودمارهم ودمار ديارهم واستئصال عقباهم (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ( 24 ) تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين)
فالسؤال هنا:-
هل السعادة شىء مستحيل وهل هي خيالية ووهمية وليست موجودة في الوجود اصلاً ونتعب انفسنا ونجري ونركض وراءها 
بل هي موجودة ومستقرة في بعض النفوس المطمئنة الطاهرة التي عرفت قدر ربها حق المعرفة الذين استسلموا لربهم وفوضوا امرهم الى الله قلبا وقالبا 
فليست السعادة بشرط جمع المال وسكن القصور الفارهة ولا الحشم ولا الخدم ولا المناصب ولا الملك انما هي موجودة في قلوب المتقين تجدهم افقر الناس وهم في قمة السعادة والاطمئنان وكان يقول السلف الصالح لو علموا الملوك مما نحن فيه من السعادة لجلدونا بالسيوف وكانوا افقر الناس ولا يملكون من الدنيا زخارفها ومتاعها شيئا الا انهم كانوا اسعدت نفوسهم بتوكلهم على الله وارتياحهم بما قسمهم الله كان شعارهم ارض بما قسم الله لك تكن اغنى الناس فلا ينظرون من كان فوقهم ولا يمدون ايديهم لغيرهم وكانوا يرددون (ما من رجل رأى مبتلى فقال : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا إلا لم يصبه ذلك البلاء كائنا ما كان) 
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يا محمد أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟ قال : بَلْ نبياً عبداً أجوع يوماً فأصبر وأشبع يوماً فأشكر)
وكان يربط على بطنه الحجر والحجرين ولا يوقد في بيته نارا ومع انه كان اسعد الناس واطيب الناس نفسا 
ونبي الله داوود عليه الصلاة والسلام ومع انه كان ملكاً كان يصوم يوما ويفطر يوما ويقوم الليل ولم تشغله الملك فقد وجد السعادة بقرب الله وعبادته 
وابنه سليمان عليه الصلاة والسلام كان ملكا من ملوك الدنيا باسرها (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
(هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ومع انه لا يشغله هذا الملك بعبادة الله وذكر الله وكان اذا شغله الملك كان يقول ردوا علي فانها شغلتني عن ذكر الله والتقرب الى الله لانهم كانوا ليسوا عباد المال ولا الشهوات ولا السعادة الدنيوية انما كان مطلبهم الوحيد السعادة الاخروية وكانوا لا يجدون السعادة من الملك والجاه انما كان يجدون السعادة من تقربهم الى الله (رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ
وقال هذه الكلمة لما عرضوا عليه الخيل وشغلته عن الصلاة العصر كانت صلاة واحدة فرفض ان يكون مشغولا لملكه من عبادة الله 
وكان نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار هاربا من قومه نام قرير العين على فخذ ابي بكر وهو مرتاح البال اسلم امره الى الله وابو بكر كان يقول لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لرءانا وكان يرد عليه (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا‏.‏ فَقَالَ ‏ "‏ مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ‏") تلك هي السعادة الحقيقة والاطمئنان والاستسلام لله وان تفوض امرك الى الله فلا يخيفك عدو ولا يشغلك بتدبيرهم ومكرهم لانك مع الله 
وهو في طريقه الى المدينة وابو بكر يتحسس الطلب والعدو مرة الى الوراء ومرة الى الامام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لابي بكر ما بك يا ابا بكر وكان ابا بكر مرتبكا وخائفا من القوم وكان رسول الله في قمة الهدوء والطمأنينة وقال لسراقة بكل جرأة ارجع يا سراقة فانك لا تقدر على قتلي ولا ايذائي تلك هي معية الله ويوعد رسول الله سراقة وهو في تلك الحال جائزة مما فاته من جائز قتله 
وعلي ابن ابي طالب لما نام فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ارادت قريش قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عليا اي ليلة اسعد في حياتك قال ليلة ان نمت في فراش رسول الله  صلى الله عليه وسلم 
وكان أحد السلف كان أقرع الرأس أبرص البدن أعمى العينين مشلول القدمين واليدين وكان يقول: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق، وفضلني تفضيلاً". فمر به رجل فقال له: مما عافاك؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول فمما عافاك؟ فقال: ويحك يا رجل؛ جعل لي لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، اللهم ما أصبح بي من نعمه أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكـر قال تعالى: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ اْلرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لًهُ قَرِينٌ)
وكيف يسعد من كان قرينه الشيطان ويتلقى الاوامر من الشيطان (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم )    
   


Monday, 10 November 2014

اين السعادة

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)

(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ)

السعادة هي بغية كل مسلم وكافر وضالة كل شقي وسعيد وهي مسعى كل فقير معدم وغني موسر وسيد وحقير وغفير وهي كل امنية صغير وكبير ومريض وصحيح وهي الشهادة الوحيدة العالية التى يجري كل واحد منا ورائها لتشرق وجهه نور السعادة امام الناس هي الرصيد الغالي الذي يدخر كل منا ويفتخر بها بين المللأ لمن يمتلكها السعادة هى تاج العزة والكرامة التي يتنافسون الناس فيما بينهم وكل واحد منا يريد ان يضع رأسه ويتبختر امام الملأ هي المقياس الوحيد الذي يقاس به بين الناس فمن امتلكها فهو سيد الناس واشرفهم فمن غابت وفقد عنها فهو حقير بين الناس واكثرهم ذلا هي التي تقاتلنا من اجلها فيما بيننا وزرعت في نفوسنا وقلوبنا الحسد والبغضاء والحقد والضغينة والكراهية من اجل ان يكون له كل واحد منا نصيب الاسد ليمتلك درجة العالية والاولى ويرى الأخرين تحت قدميه يتسولون 

فلننظر ايها الاخ الكريم من هو السعيد:- 
*هل السعيد من مات فوق منصة خشبة المسرح وهو يغني ويطرب ويضل عباد الله وقد سألوا قبل موته ما امنيتك الوحيدة في الدنيا فاجاب ان اموت وانا اغني فوق خشبة المسرح فقد صدقت نيته وختمه الله على هذه الخاتمة السيئة فيما كانت نيته فكل يبعث يوم القيامة على نياته 
*ام الذي مات وفارق الحياة وهو طاهر ساجد بين يدي الله وهو يقول سبحان ربي الاعلى وبحمده سبوح قدوس رب السماوات والارض والروح فخاتمته كانت خاتمة حسنة فسوف يبعث ان شاء الله وهو ساجد اهذا هو السعيد ام ذاك 
*هل السعيد من صرع صاحبه في الملاكمة وتغلب عنه وارداه صريعا بعد ان كسر عظامه ويقفز فوق الحلبة فخرا واعتزازا ونصرا والناس يصفقونه ويصرخون له بشهرته واخذه الجائزة على حساب اهدار نفس بريئة بظلم على حساب الملاكمة الحرة
*ام الذي حرر بلده من رجس ونجس ونتن الاعداء والاستعمار ووقف في ساحة القتال فوجد فلول الجنود يجرون خيبة اذيالهم وحسرتهم ويسحبون قتلاهم وجرحاهم اهذا هو السعيد ام ذاك 
*هل السعيد الذي جمع المال بأي مصدر كان وملأ الخزانة وعدده وظن ان ماله يخلده ويستغني عنه غيره ويسهر الليالي بحرسه وحفظه ويقعد امام ماله ليعده ويشم ريحه ولا يبالي غير ماله ولا تهدأ له نفسا الا بكثرته والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) (يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)
*ام الذي يقوم بالليل ويتوضأ ويتطهر ويقوم بين يدي الله ويعد ذنوبه صغيرة وكبيرة ويحزن ويندم بما فاتته ايامه الماضية ويقول ويردد قول الله (أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) اهذا هو السعيد ام ذاك 
*هل السعيد هو المغني والمطرب الذي يسمر كل ليلة مع السامرين ويغني باعالى صوته ويرشقون اصحابه ومشجعيه بالزهور ويسمونه بشتى الكنية وينظر وجوه مشجعيه ويحس انه اشتهر ولا مع نجمه وشاع وانتشر اسمه وتذرف دموعه فرحا وبهجة ويضل عباد الله بالاغاني والكلمات الخليعة 
*ام المؤذن الذي صعد من على المسجد ونادى ورفع صوته بكلمة التوحيد وقال حي على الصلاة حي على الفلاح ولما كمل ءاذانه ونزل رأى ثمرة ندائه دخول المصلين في بيت الله افواجا وجماعات ورأى الجموع الغفير فصلو بالجماعة اهذا هو السعيد ام ذاك 
*هل السعيد من اجتمع مع عشيقته في خلوة وجنح الليل وظلمة الدجى وسهر معها وتبادلوا بالالفاظ الغرامية المحرمة الخليعة التي تحرك الشهوة الجنسية وهذا مما حرمه الله اتخاذ الاخدان
*ام الذي نام اول الليل كما امر رسوله لأن النبي منع السهر بعد العشاء وقام ثلث الليل الاخير وتوضأ واستأنس ربه في خلوة وترك الدنيا ورائه وتجرد اهله وجافى جنبه نعومة الفراش ودفئه واستسلم لربه قلبا وقالبا (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) اهذا هو السعيد ام ذاك
*هل السعيد من تخرج بكلية الحرب وتعلم وتدرب كيف يقتل الابرياء ويحاصرهم ويفجر بهم القنابل ويهدر دم الضعفاء والثكالى والنساء والشيوخ واخذ الشهادات العليا والميداليات الذهبية على حساب قتل الابرياء وتسمى باسم الجنرال
*ام الذي خرج بكلية الشريعة وتعلم الدين وتعلم بما ينفع الناس ويقول فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ويعلم الناس ويهديهم الى طريق الصواب ويعلمهم الحلال والحرام ويعلمهم ما ينفعهم ولا يضرهم هل هذا هو السعيد ام ذاك 
*هل السعيد من لبس الجديد يوم العيد وتعطر وتزين واحتضن وعانق اصحابه فرحا وبهجة ومرحا وتبادل الزيارات واكلوا ما طاب ولذ 
*ام الذي فاز يوم الوعيد يوم الحسرة يوم لا ظل الا ظل الله يوم لا تكلم نفسا الا بإذنه يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم وثقل ميزانه ورضي عنه ربه واخذ الكتاب بيمينه ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ( 19 ) إني ظننت أني ملاق حسابيه ( 20 ) فهو في عيشة راضية ( 21 ) في جنة عالية ( 22 ) قطوفها دانية ( 23 ) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ( 24 ) ) اهذا هو السعيد ام ذاك
*هل السعيد من تزوج الجميلة البيضاء الشقراء الحسناء فاذا نظر اليها قرت عيناه وتلألأت وجهه البشاشة والفرح والبهجة كانه جمع الدنيا وما فيها واعتبر نفسه انه اسعد الناس وكأنه ذو حظ عظيم 
* ام الذي لم يجد المهر والباء والنفقة والتجأ الى الصوم ليعف نفسه من المحارم ووقوع الزنا فقال اني اخاف الله رب العالمين وعلم ان صوم جُنة ووقاية وصفاء النفس وطهارة وحصن الفرج وكسر الشهوة (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ‏") هل هذا هو السعيد ام ذاك
*هل السعيد من رزقه الله البنين والبنات ويلتفون حوله ويمازحونه ويقضي معهم الاوقات ويداعبهم ويتفخر بهم ويستأنسهم ويحبهم لأنهم فلذة كبده (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
*ام العقيم المحروم الوحيد الذي لا انيس له ويشعر الوحشة والفرقة وحرمانه على زهرة الحياة ويردد قوله تعالى (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين اهذا هو السعيد ام ذاك
*هل السعيد من حكم البلاد والعباد واصبحت له السلطة والعظمة والجاه والكبرياء ورفع له الاعلام واشتهر اسمه وسلطته ونفذ اوامره وجمع المال وسكن القصور وسموا انفسهم جلالة الملك المعظم
*ام المحكوم الضعيف المظلوم المنهوب ثروته المسكين الذي لا يهاب رؤيته ولا يذكر اسمه الملتزم باوامر حاكمه سواء ظلم او عدل وليس من حقه الرفض ولا النقاش ولا حرية القول والرأي ولا اختيار اهذا هو السعيد ام ذاك      
    
     

Sunday, 9 November 2014

في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

ان الله خلق الخلائق اجمعين وجعل كل مخلوق صفة خاصة وكيفية مخصصة فقدر فهدى كل مخلوق الى ما قدر له وكل مخلوق احسن خليقته فسوى في احسن الهيئات وكل يسر بما خلق وكل يستمد طاقته وغذاءه بما هيأه الله وقدره والهمه فمثلاً النبتات والاشجار يستمدون طاقتهم وغذاءهم من الماء والهواء والشمس وعناصر التربة (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) فاذا فقد احد من هذه العناصر اهلك واذبل ولم يؤتي اكلها ولا ثمارها 
واما الحيوانات فمنهم من يستمد طاقته وغذاءه من الاشجار والاعشاب والماء ومنهم من يستمد من اللحوم ومشتقات اللحوم والماء وكل هذا طاقات وغذاء للابدان وحفظ للحياة 
واما الانسان يستمد طاقته وغذاءه البدنية من الاعشاب واللحوم والماء والشمس فهذا القسم يشارك مع الاشجار والحيوانات والخلائق الاخرى 
ولكن الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يحتاج الى طاقتين وغذائين مختلفين فهناك غذاء للقلب وهو نور روحانية وهداية من الله وذكر الله والخشوع مع الله والخوف من الله والاستقامة لله والتعظيم لله لأن الله لما يخاطب عباده بامر او نهي لا يخاطب البدن ولا الجوارح انما يخاطب القلب: افلا يتدبرون - افلا يعقلون - الا بذكر الله تطمئن القلوب (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) لأن الجوارح تبع للقلوب وتستأمر من القلب ولا تتحرك الجوارح الا بإذن من القلب سواء كان خيراً او شراً (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏ "‏ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ‏.‏ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ‏.‏ أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ ‏") (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا
اذاً فالقلب اذا فقد غذاءه النوراني والروحاني الذي يحييه وهو الحسيب والرقيب للبدن هو الذي يقول له للبدن ويلك ءامن يصبح الانسان اكثر ضلالة من العجماوات بل اشد ضلالة من الحيوان ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا
لأن الله ذكر في كتابه العزيز ان نور ءاياته وقرءانه تخشع به الجبال الاصم وتتصدع (لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)  
والقلب الذي لا يتغذى بذكر الله ولا بخشوع الله ولا خوف من الله سماه النبي صلى الله عليه وسلم بصاحبه ميتاً (( عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ )) 
وهذا يدل على ان الغذاء الحقيقي للقلب هو الذكر والعبادة والاستقامة لله وهو الذي يطمئن به القلب وتنشرح به النفوس ويكون العبد متواصلا دائماً مع الله واما غذاء البدن فهو غذاء لنمو العضلات والقوة وتحسين البدن فان وافق البدن بالقلب فنعم البدن وان خالف البدن بالقلب فبئس البدن (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ، الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ‏") (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت‏")
ما هو نتائج فقدان غذاء القلب:-
1) اذا فقد الانسان غذاء القلب صار بلا علم ولا عقل ولا هداية وان تقدم علومه الدنيوية مهما تقدم وارتقى بالتكنولوجيات العصر لأنه فقد النور الحقيقي والاتصال مع الله قلباً وقالباً ومخافة الله. والهداية هو نور الله ولا نور بعد نور الله (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ( 17 ) صم بكم عمي فهم لا يرجعون) (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
2) اذا فقد الانسان هذا الغذاء اصبح حيراناً ضيق الصدر يستوحش بذكر الله وءايات الله ولا يستمتع الخلو مع الله ولا يستأنس ربه كأنه اختطفته الشياطين واضلتهم هنا وهناك فسيرته الشياطين كما تريد واطاعهم واجاب دواعيهم واتبع هوى نفسه وشهواته مهما كان ثمنها يركض وراءها ولا يستقر له بالاً الا بعد ان يشبع بما تأمر نفسه الامارة بالسوء ولا يعرف الخطأ ولا الصواب ولا طريق الصحيح فضل (قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ
3) والذي يفقد غذاء القلب لا يسعه سعة الاسلام ولا يجد في صدره سعة فيمل الحياة ويكره كل ما حواليه فيحاول ان يصعد من الدنيا الى السماء فلا يقدر فيجد في نفسه ضيقاً وحرجاً وحرقة وكآبة دائمة ولا يرتاح له بال ولا يجد السكينة في نفسه ويفقد الثقة مع ربه واساء الظن مع الله ويستمتع مع الشياطين ويكون لهم عبداً مخلصاً لا يخالف لهم امراً ولا نهياً (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)          
4) والذي يفقد غذاء القلب لا يُقدر الله حق قدره ولا يعظمه ولا يجله بل يحس ويشعر ان الله اقل قدراً منه وعن عباده ويهين ربه ويشبه الله بخلقه ويستهزيء ءايات الله بسخرية واستكباراً (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد) ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الارض فلا تأس على القوم الفاسقين)
5) ان فقدان غذاء القلب وطاقته النورانية تجعل العبد يستثقل ويتكاسل ويتهاون عبادة الله ولا يعبد الله الا قليلاً وينشرح صدره باللغو واللهو ويستمتع بالشهوات والملذات واللهو المحرمة ولا يمل حتى ولو انفق اكثر اوقاته ويسهر بالليالي (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ ) (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)        
6) واذا فقد العبد غذاء قلبه يركض الدنيا وراءها كركض الحيوان ويعبد الله على حرف ان اصابه خيراً اطمئن وان اصابته ضراء انقلب على وجهه تغير وانقلب وجهه على عبادة الله ان لم تكن لصالح دنياه (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ “تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة؛ إن أعطى رضي؛ وإن لم يعط لم يرض‏")

Monday, 3 November 2014

إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)
كان الناس على ملة واحدة ملة ابينا ءادم عليه السلام وما كان بينهم اختلاف فبدأ الخلاف بينهم وعبدوا الاصنام وانحرفوا على طريق الحق وملة ابيهم حتى بعث الله نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام ومن بعد نبي الله نوح ارسل الله الرسل والنبيين تترا (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالاَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ - قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ - فَالْيَوْمُ لَنَا وَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى ‏"
(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ( 118 ) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ( 119 ) )
ولا يزالون حتى في يومنا هذا ان الناس مختلفين في العقل والعقيدة والفكر والطبائع والرأي والملة وهي سنة الله في خلقه يختلفون ولا يتفقون والاختلاف امر وارد لا محال له الا من رحم الله  
(وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون) ويذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الأية ان العرب واهل مكة كانوا على دين ابراهيم حنفاء الا بعد ان ظهر فيهم عمرو ابن لحي وابتدع لهم عبادة الاصنام واتاهم بهم الاصنام من بلاد الشام فبدأ الخلاف بينهم (إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
اذاً فالاختلاف امرٌ واردٌ لا مناص ولا مفر له هو سنة الله في الخلق هكذا خلقهم الله عباده 
فما زالوا يختلفون الى يومنا هذا والاختلاف ينقسم الى قسمين محمود ومذموم 
اما المحمود فهو الذي فيه الخير والرحمة لأن لولا الخلاف لما عرفنا الصواب والخطأ ولولا اختلاف الرأي لما تعددت المذاهب والمفاهيم ولولا اختلاف العقول ما وصلنا بهذا القدر من العلم لأن الاختلاف المحمود يستنبط الحق من الباطل والصواب من الخطأ 
اما الاختلاف المذموم فهو منهيٌ عند الله لأنه يولد الضغينة والعداوة والنفور بين الناس ولا يستفيدون فيما بينهم وتنتشر الخلافات والحروب والقطيعة والحسد والتنافر والتباغض (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه رواه مسلم .)
فما هو حل الاختلاف المذموم الذي انتشر فيما بيننا ان في العصور الاخيرة اصاب المسلمين في هذا الداء العضال المستعصي فيما بينهم ان الله ما فرط في كتابه الا وقد ذكر وقد امرنا الله اذا حصل الخلاف المذموم بين المؤمنين ان يتصالحوا ويتئآخوا ويتفقوا ولا يختلفوا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ‏- رضى الله عنه ‏- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ ‏- صلى الله عليه وسلم ‏-{ لَا يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ قَاطِعٌ } يَعْنِي: قَاطِعَ رَحِمٍ
فقد زجر رسول الله بالوعيد الشديد على قاطع الرحم لأنها تجعل الفرقة بين الاهل وبين المسلمين وتفرق الجماعات والاحباء وتنافر الاخوة وقد تضعف شوكتهم وقوتهم وقد ذكر الله في كتابه اشد زجراً ووعيداً (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ( 22 ) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري ومسلم
اول ما وصل رسول الله في المدينة اصلح بين الاوس والخزرج الذين كانت بينهم العداوة والحروب والقتال بسنين مديدة وعديدة 
وسنذكر هنا نماذج كيف كان رسل الله والصالحين يصلحون بين الناس ويتنازلون ويتجاوزون عن حقوقهم:-
- نبي الله يوسف واخوته لما جاءوا اليه وهم ضعفاء جياع يتسولونه ويستنجدونه وقد عرفهم قال لهم هل علمتم ما فعلتم بيوسف واخيه قالوا ءانت يوسف قال انا يوسف (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) ولم يفكر مرة بسوءٍ ولا الانتقام وكان بقدرته ان ينتقم منهم اشد الانتقام ويعذبهم ويسجنهم لأنه كان عزيزاً في البلد ولم يراجع ذاكرته في ايام صغره وهو كان ابن السابعة من عمره بعد ان القوه اخوته في البئر وارادوا قتله لأن القاء البئر اشد من القتل واصبح بعد ما القوه في البئر مملوكاً شروه بثمن بخس خادماً في قصر العزيز انما قال لهم (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) حن عليهم ان يغفر الله لهم وان يرحم لهم ولم يفكر في ذات نفسه بما فعلوا له 
بل فرح بلقاء اخوته بعد قطيعة دامت اربعين سنة والتصالح معهم (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ( 99 ) ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم
- نبي الله يوسف وزليخاء امرأة العزيز لما اعترفت بذنبها وجريمتها وقالت (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) ما قال كما قالت هي لما البسته تهمة الزنا وهتكت عرضه وكرامته وشرفه وهو ابن نبي ابن نبي ابن نبي (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) لم يشتكي عنها الملك ماذا انت فاعل بهذه المرأة بعد ان اعترفت بذنبها انما ترك وشأنها ونسي ما مضى فكر كيف يصلح بهذا البلد الذي شاع فيه الفساد والمفسدين وقال (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) والله ما طلبها حباً للحكم ولا حباً للدنيا وشهواتها وزخارفها انما طلبها ليصلح هذا البلد لأن ملكهم كان فاسداً وزوجته كانت فاسدة ونساء البلد كانوا مفسدين (وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم
- يعقوب عليه السلام وابناءه لما اعترفوا بخطئهم وقالوا له (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) لم يعنفهم ولم يزجرهم ولم يفتح لهم ماضي الاليم ولم يقل لهم انتم الذين حرمتم ابني فلذة كبدي وجعلتموني اعيشوا في حزن وحرقة وكئآبة حتى فقدت عيني طيلة اربعين سنة وكذبتم علي انما فكر بذنوبهم وان يغفر الله لهم ولم يفكر في نفسه (قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم
- نبي الله موسى واخاه هارون عليهما الصلاة والسلام:- لما اسلموا معظم بني اسرائيل ودخلوا الدين افواجاً وكان نبي الله موسى موعداً مع ربه وترك القوم على اخيه ليستمروا في عبادة الله وان يعلمهم الدين وان يحل محل اخيه ولما وصل نبي الله موسى الى ربه في مكان الموعد قبل القوم قال له ربه (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ. قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ. قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ. فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي. قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ. فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ. أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا. وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ. قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا. أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي.) رجع نبي الله موسى الى قومه وهو غضبان غضباً شديداً بسبب قومه قد كفروا وعبدوا العجل اخذ بلحية اخيه يجره وهارون عليه الصلاة والسلام لم يعنفه اخوه ولم يخالف معه ولم يصرخ عليه ولا يقول له دعني وشأني انما كان يقول قولاً رحيماً يا ابن ام والله لو قال بعضنا على بعض بهذه الكلمة لذوبنا كما تذوب الملح في الماء كلمة الرحمة التي جمعتهم في حضن الامومة واختلط بعضنا على بعض محبة واحساساً في الاخوة كما تختلط الملح في الماء يا ابن ام ومع انه كان شقيقه باتفاق جميع العلماء ولكن نبي الله هارون اختار بكلمة يا ابن ام ليحس اخوه الاخوة التي جمعتهم في الام لأن الام رحمة تجمع بين الاخوات وليحس اخوه انهم سقوا من صدر واحد وخرجوا من رحم ام واحدة ولهذا قال له يا ابن ام ولم يحصل بينهم اختلافاً ولا قطيعةً ولا هجران وهكذا الاخوة اذا اختلفوا لا يسل الامر الى ما يحمد عقباه    
- نبي الله محمد وقومه:- لما دخل رسول الله مكة وفتحها وكان معه جيشاً ما يقرب 13 عشرة الف جندياً ولم تأخذه الغرور ولا الكبرياء ولا الانتقام وكان رسول الله منكس الرأس تواضعاً وشكر بنعم الله لأن الله انجز وعده وكانوا اهل مكة لا يقدرون المواجهة بهذا الجيش العرمرم وكانوا ضعفاء اذلاء مستسلمين وكان بجانب رسول الله صحابي يحمل اللواء وهو سعد قال اليوم يوم الملحمة ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل انما اليوم يوم المرحمة واخذ الراية منه واعطاه ابنه  ورسول الله سأل اهل مكة (
 يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء
) يا سلام يا عيني يا رسول الله والله قد صدق الله قوله ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ) بهذه السهولة تنازل رسول الله حقه وحق اصحابه لاصحاب مكة وهم كفارولم يسلموا بعد الذين قتلوا اصحابه وعذبوهم شر عذاب واخرجوهم من مكة واخذوا اموالهم وسكنوا ديارهم لم يتحاسب معهم ولم يفتح لهم قضايا الماضي العفن النتن انما قال لهم قولته الشهيرة اذهبوا فانتم الطلقاء 
- رسول الله وقتل حمزة ابن عبد المطلب لما قتلوا المشركين حمزة عم رسول الله في احد بيد عبد حبشي يسمى الوحشي وكان عبداً لهند بنت عتبة زوجة ابو سفيان ومثلوا جثته وقطعوه وجدعوا انفه واخرجوا كبده ولاكت هند كبد حمزة وقالت لاشربن جمجمته بالخمر حزن رسول الله حزناً شديداً واقسم بالله لاقتلن سبعين منهم انتقاماً من الكفار لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب حمزة حباً شديداً فنزلت الأية (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ( 126 ) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ( 127 ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( 128 ) ) فقال رسول الله نصبر ولا نعاقب وهذا قمة الصفح والشجاعة والتجاوز والعفو عند القدرة وامتثال امر الله واخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأية بما فيه الخيرية ولئن صبرتم لهو خير للصابرين اختار الصبر بدل الانتقام ودوامة العداوة
- رسول الله وعبد الله ابن ابي ابن سلول منافق هذه الامة وعميل اليهود الذي قال (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) امر رسول الله باصحابه بقتل ابن سلول وجاء ابنه وكان مؤمناً صالحاً صحابياً جليلاً الى رسول الله قال يا رسول الله بلغني انك امرت بقتل ابي فوالله اني لا اطيق ان ارى بقاتل ابي دعني يا رسول الله ان اقتله بيدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الرحمة لقد عفوت من اجلك تنازل رسول الله حقه بهذا المنافق بعد ان سمى رسول الله الذليل 
ولما مات هذا المنافق اعطى رسول الله ابنه جبته عسى ان يرحمه الله وصلى عليه صلاة الجنازة بعد ان كان عمر ابن الخطاب يمنعه ويحول بينه وبين الجنازة ويقول يا رسول الله اتصلي على هذا المنافق وكان رسول الله يقول دعني يا عمر فنزلت الأية الكريمة ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) ومن شدة رحمته لاصحابه وتجاوزه قال فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة ، لعل الله أن يغفر لهم فرد الله عليه (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين
- جريج عابد بني اسرائيل وقصته:- لما اتهمت الباغية الفاجرة الزانية جريج العابد الرجل الصالح بانه زنا منها وحملت منه جاءوا قومها فكسروا وهدموا صومعة جريج فقالوا تدعي انك عابد ورجل صالح وتزني من النساء قال اين المرأة واين ابنها فاتوا بها هي وابنها وسأل جريج الابن فقال من ابوك فانطق الله الجنين فقال راعي الغنم فبرئت تهمة جريج واستغربوا ان الجنين نطق وبرأه فاكبوا عليه وقبلوا قدميه وقالوا نبني صومعتك من الذهب قال والله لا اريد صومعة من الذهب ارجعوها وابنوها كما كانت من طين ومدر وتجاوز عن المرأة وصافح عنها وتنازل عن حقه وشرفه وطعن عرضه ولم يتحاسب معها ولا اشتكى عنها هكذا هو دأب الصالحين لا يتبعون الاساءة بالاساءة  
- ابو بكر ومسطح ابن اثاثة:- لما اتهمت عائشة بالزنا وحديث الافك وكان من بين هؤلاء الذين شاعوا بهذه الاشاعة الكاذبة مسطح ابن اثاثة ابن خالة ابي بكر وكان مسكيناً فقيراً من المهاجرين وكان ابو بكر ينفق هذا الرجل وينفعه ولما سمع ابو بكر بما يشيع مسطح ابن اثاث قطع منه النفقة ونزلت الأية الكريمة ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيمقال الصديق بلى ، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا . ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، في مقابلة ما كان قال : والله لا أنفعه بنافعة أبدا ، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته 
وهكذا كان سنن الرسل والانبياء ودأب الصالحين ان يصفحوا ويتجاوزوا المسيء ولا يعاملونهم بالمثل وان لا ينبشوا ما مضى من الاساءات وكانوا لا يقاطعون اهليهم وذوي ارحامهم لأن الله حرم القطيعة وهي من الكبائر  
وقد استغربت بعض الناس الجهلة لما يختلفون مع اخوانهم ويتخاصمون معهم ويحصل بينهم فرقة والقطيعة من ذوي ارحامهم واقرباءهم واخوانهم يحلفون بشتى القسم الغليظة ويأمرونهم الا يزورونهم في مرضهم وان ماتوا الا يغسلونهم ولا يكفنوهم ولا يقبرونهم ولا يشهدوا على مأتمهم ويهددونهم بقطيعة ابدية لا رجعة فيها اخي المسلم ان الاخوة ليس امر بيدك ولا باختيارك اخترتها انت بان يكون هذا الشخص اخاً لك ولا بقدرتك ان تلغيها انما هو امر ارادها الله ان يكون هذا الشخص اخاً لك وليس باختيارك انت ولو ان حصل بينك وبين اخيك مقاطعة وخالفت مع اخيك انما الاخوة هي امر قدر الله ان يكون اخوك اخاً لك ليس في الدنيا فقط انما الاخوة تبلغ مداها الى يوم الدين الى الجنة ان شاء الله الم تسمع قول الله (فاذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرةووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة)
وحتى ان فروا منك الم يسمي الله من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه 
( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم وامتازوا اليوم أيها المجرمون) اليسوا ازواجنا في الدنيا الم ترى ما زالوا ازواجنا في الجنة اذاً اين الفراق والقطيعة والهجران وسوء المعاملة والتباعد والتباغض (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) اليس ذريتك في الدنيا قد الحق الله بك في الاخرة اذاً اين القطيعة اخي المسلم والهجران
اليس الله قد امرنا الاصلاح بين الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ابتغاء بوجه الله وان يسود المحبة والالفة بين الناس ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)            
         
   

     
       
     

Saturday, 1 November 2014

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

الايمان هو ان تؤمن بالله بوجوده والاعتراف بالوهيته وتصديق بكل ما جاء الانبياء واتباعهم ظاهراً وباطناً بتصديق القلب واقرار اللسان وقيام الجوارح على الطاعات بما امر الله وبما نهى عنهم قال تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
فاعلم ان الايمان ليس تقليداً للآباء ولا للقوم ولا ان تتكسب من الأخرين ولا يمن بعضنا على بعض على الايمان انما هو نور وهداية يقذفها الله على قلوب عباده لمن اراد بهم خيراً فالايمان منحةٌ ومنةٌ من الله لمن اختار الله من عباده المخلصين ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون ) (وَعَنْ مُعَاوِيَةَ ‏- رضى الله عنه ‏- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ ‏- صلى الله عليه وسلم ‏-{ مَنْ يُرِدِ اَللَّهُ بِهِ خَيْرًا, يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
وليس الايمان توارث بين الآباء والابناء فابن نوح عليه الصلاة والسلام كفر برسالة ابيه وما جاء به الله وهو في النار خالداً مخلداً ولم تنفعه انه تربى في بيت النبوة 
وعم رسول الله ابي طالب الذي كان اشد الناس دفاعاً وحماية لرسول الله وهو الذي رباه لرسول الله بعد موت ابيه مات على الشرك والكفر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يلقنه ويردده (يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله) (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) وزوجتين تحت نبييين من انبياء الله تربوا في بيت النبوة فكانتا كافرتين مشركتين وهذا يدل على ان ايمان نبي الله لوط ونبي الله نوح لن يغني عن زوجاتهما (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين
وامرأة فرعون الجليلة الشهيدة ءاسية بنت مزاح كانت تحت فرعون الطاغي الجبروت ما ضر كفر زوجها وجبروته وعذابه اياها حين اطاعت واستسلمت لله قلباً وقالباً وحفظت ايمانها وتمسكت بدينها ولم يزحزحها اي خوف ولا شك عن ربها ولا ايمانها وكانت تردد (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ( 11 ) ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)
فقلوبنا بين اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء فعمر ابن الخطاب خرج يوماً ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشيئة الله هداه الله للاسلام واصبح فاروق هذه الامة وخالد ابن الوليد الذي قتل يوم احد سبعين من اصحاب رسول الله شاء الله ان يهديه للاسلام فقذف الله نور الايمان في قلبه فاصبح سيف الله المسلول
واما زوج ام حبيبة بنت ابي سفيانعُبيد الله بن جحش لما هاجر معها الى الحبشة في الهجرة الاولى ارتد عن دينه واعتنق المسيحية سبحان مقلب القلوب 
وصحابي ءاخر كان اسمه عبد الله ابن ابي سرح كاتب وحي رسول الله ارتد عن الاسلام ولحق الكفار ثم تاب واسلم وحسُنَ اسلامه  
والايمان اذا باشر قلب المؤمن وملأ نوراً في قلبه لا تحركه الرياح والعواصف ولا تغره المطامع الدنيوية ولا يرتابه شك ولا ريب يكون مخلصاً مطيعاً اوامر الله ولا يخالف ربه فام موسى عليها الصلاة والسلام لما امر الله ان تلقي ابنها في اليم لم تتردد ولا تراجعت انما فعلت كما امرها الله واستسلمت لربها (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي
وابنها موسى عليه الصلاة والسلام لما تحولت العصا الى ثعبان باذن ربها ولى مدبراً فخاف ففزع ولم يقدر ان يمكث مكانه بشدة الخوف (وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون
ولكن لما جاء امر الله ان يأخذ العصا لم يتردد فاخذها كما امره الله فهي نفس العصا التي كان يخافها وهذا يدل على قوة الايمان وطاعة الله (قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) لأن الايمان اذا باشر القلب فالجوارح تتبع القلب وتطيع ربها 
وزوجة فرعون لم تغتر بملك زوجها وكنوزه وامواله وممتلكاته الذي كان يفتخر به وكان يقول (وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) لم تبيع دينها بدنياها ولم تغتر وقالت اللهم ان العيش عيش الأخرة رب ابن لي بيتاً في الجنة وهذا من معجزات الايمان اذا عمر قلب المؤمن  
ويوسف ابن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما راودته امرأة العزيز ودعته الفاحشة بعد ان تزينت وتعطرت وجاءت بكل الاغراء والاغواء وغلقت الابواب وقد هيئت كل شيء وامنت المكان لم يسيل لعابه ولم يجري وراءها ولا اغترته بجمالها وتزيين نفسها (وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون
فلم تنته الى هذا الحد لانها كانت تحبه كثيراً قد شغفها حب جنوني وحاولت مراراً وهددته (قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ) فما زال نبي الله يوسف يحفظ ايمانه وصلابة قوة ايمانه ولم يضعف امام هذه المرأة انما كان يردد معاذ الله انه احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون وقال قولته الجليلة العظيمة (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وان من خلق الله من لا يحمل في قلبه مثقال ذرة من الايمان ولا عقل حتى وان شاهدوا بام عيونهم معجزات الله وبراهين الله وعظمة وقدرة الله فمثلاً قوم ابراهيم عليه الصلاة والسلام لما القوه في النار ولم يحترق خليل الله زادتهم كفراً والحاداً بهذه المعجزة (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فلما رأى ابوه ءازر او عمه بخلاف العلماء ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام لم تحرقه النار قال نعِم الرب ربك يا ابراهيم فلم يستسلم ولم يؤمن برب ابراهيم ومع انه اعترف بمعجزة الله ان النار لم تحرق ابراهيم قس قلبه.
واصحاب البقرة بعد الخلاف والجدال والمراء والحجج الكثيرة مع نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام لما رأو ان الله قد احيى الميت وشهد الذين قتلوه بدلا ان يصدقوا نبي الله وينبهروا معجزة الله ازدادوا كفراً وبعداً عن الله (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
ولما ضرب نبي الله موسى عصاه في البحر فانفلق البحر فانقسم البحر الى قسمين وشق الله لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام طريقاً يبساً لينجوا من فرعون وجنوده 
واتبع فرعون وجنوده لنبي الله موسى هو وجنوده فاغرق الله في البحر فكانت معجزة عظيمة وجليلة ولكن اليهود بعد هذه النجاة من ظلم فرعون وجبروته قالوا (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ( 138 ) إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون)
لما سألوا الحواريون نبي الله عيسى ابن مريم ان ينزل عليهم مائدة من السماء سألوا عنه بصيغة الاستهزاء والتصغير كانهم يشكون قدرة رب العالمين كأنهم يخاطبون بشراً ويجربونه هل يستطيع ربك وليس ربهم وهذا كفر وانكار عظمة الله ولهذا نهاهم نبي الله عيسى على تجاوزهم عظمة الله قال اتقوا الله ( إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ( 112 ) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ( 113 ) قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ( 114 ) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين)
وهناك خلق ءاخر اشد الناس قسوة وانكاراً والحاداً بعظمة الله اخبرنا الله بانهم حتى وان رأو ونزل عليهم الملائكة ورأو موتاهم وكلموا معهم لم يغنيهم كل هذا ايماناً انما يزدادون كفراً ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون) (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون
وهناك خلق ءاخر لو شهدوا القيامة والحشر والميزان والبعث وعذبهم الله في النار ورأو كل شيء وردهم الله الى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)
الايمان يزداد وينقص يزداد بالطاعات والعبادات واجتناب المعاصي وتقرب الى الله وحسن الظن في الله والبعد عن المحارم وما يقربه وحسن الخلق ومخافة الله والاجتهاد في الطاعات والعبادات والخوف من النار وذكر هادم اللذات والاستعداد يوم الرحيل واخذ الزاد واليقين برحمة الله 
وينقص بالمعاصي والفسوق وهجر العبادة والطاعة وظلم الناس واستحلال المحارم وعدم التزام احكام الله والبعد عن الله وعدم اليقين في الله وحب الدنيا والشهوات واتباع الهوى والاستهانة وعدم الزجر بما حرم الله والاستصغار بالذنوب وعدم الخوف من الله واليوم القيامة (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ( 124 ) وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ
وفي عصورنا الاخيرة البسنا الله لباس الجوع والخوف وضاقت علينا الارض بما رحبت اصابنا الزلازل والفيضانات وضيق المعيشة وقلة الامطار ومنافع الارض وكثرة الفواحش وكثرة القتل والحروب وقطيعة الرحم وكثرة العقوق وكثرة الفساد في الارض وظهور الخبث والخوف تداعت علينا الامم واصبحنا تحت مذلة الكفار وكثرة الالحاد فلم يزد لنا كل هذا الا فراراً من الله وقلة الايمان والشك عن اليقين فوالله لا يغير الله حالنا الا ان نغير نحن ما بانفسنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم) (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا)