Monday, 3 November 2014

إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)
كان الناس على ملة واحدة ملة ابينا ءادم عليه السلام وما كان بينهم اختلاف فبدأ الخلاف بينهم وعبدوا الاصنام وانحرفوا على طريق الحق وملة ابيهم حتى بعث الله نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام ومن بعد نبي الله نوح ارسل الله الرسل والنبيين تترا (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالاَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ - قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ - فَالْيَوْمُ لَنَا وَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى ‏"
(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ( 118 ) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ( 119 ) )
ولا يزالون حتى في يومنا هذا ان الناس مختلفين في العقل والعقيدة والفكر والطبائع والرأي والملة وهي سنة الله في خلقه يختلفون ولا يتفقون والاختلاف امر وارد لا محال له الا من رحم الله  
(وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون) ويذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الأية ان العرب واهل مكة كانوا على دين ابراهيم حنفاء الا بعد ان ظهر فيهم عمرو ابن لحي وابتدع لهم عبادة الاصنام واتاهم بهم الاصنام من بلاد الشام فبدأ الخلاف بينهم (إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي "
اذاً فالاختلاف امرٌ واردٌ لا مناص ولا مفر له هو سنة الله في الخلق هكذا خلقهم الله عباده 
فما زالوا يختلفون الى يومنا هذا والاختلاف ينقسم الى قسمين محمود ومذموم 
اما المحمود فهو الذي فيه الخير والرحمة لأن لولا الخلاف لما عرفنا الصواب والخطأ ولولا اختلاف الرأي لما تعددت المذاهب والمفاهيم ولولا اختلاف العقول ما وصلنا بهذا القدر من العلم لأن الاختلاف المحمود يستنبط الحق من الباطل والصواب من الخطأ 
اما الاختلاف المذموم فهو منهيٌ عند الله لأنه يولد الضغينة والعداوة والنفور بين الناس ولا يستفيدون فيما بينهم وتنتشر الخلافات والحروب والقطيعة والحسد والتنافر والتباغض (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه رواه مسلم .)
فما هو حل الاختلاف المذموم الذي انتشر فيما بيننا ان في العصور الاخيرة اصاب المسلمين في هذا الداء العضال المستعصي فيما بينهم ان الله ما فرط في كتابه الا وقد ذكر وقد امرنا الله اذا حصل الخلاف المذموم بين المؤمنين ان يتصالحوا ويتئآخوا ويتفقوا ولا يختلفوا (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ‏- رضى الله عنه ‏- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ ‏- صلى الله عليه وسلم ‏-{ لَا يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ قَاطِعٌ } يَعْنِي: قَاطِعَ رَحِمٍ
فقد زجر رسول الله بالوعيد الشديد على قاطع الرحم لأنها تجعل الفرقة بين الاهل وبين المسلمين وتفرق الجماعات والاحباء وتنافر الاخوة وقد تضعف شوكتهم وقوتهم وقد ذكر الله في كتابه اشد زجراً ووعيداً (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ( 22 ) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري ومسلم
اول ما وصل رسول الله في المدينة اصلح بين الاوس والخزرج الذين كانت بينهم العداوة والحروب والقتال بسنين مديدة وعديدة 
وسنذكر هنا نماذج كيف كان رسل الله والصالحين يصلحون بين الناس ويتنازلون ويتجاوزون عن حقوقهم:-
- نبي الله يوسف واخوته لما جاءوا اليه وهم ضعفاء جياع يتسولونه ويستنجدونه وقد عرفهم قال لهم هل علمتم ما فعلتم بيوسف واخيه قالوا ءانت يوسف قال انا يوسف (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) ولم يفكر مرة بسوءٍ ولا الانتقام وكان بقدرته ان ينتقم منهم اشد الانتقام ويعذبهم ويسجنهم لأنه كان عزيزاً في البلد ولم يراجع ذاكرته في ايام صغره وهو كان ابن السابعة من عمره بعد ان القوه اخوته في البئر وارادوا قتله لأن القاء البئر اشد من القتل واصبح بعد ما القوه في البئر مملوكاً شروه بثمن بخس خادماً في قصر العزيز انما قال لهم (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) حن عليهم ان يغفر الله لهم وان يرحم لهم ولم يفكر في ذات نفسه بما فعلوا له 
بل فرح بلقاء اخوته بعد قطيعة دامت اربعين سنة والتصالح معهم (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ( 99 ) ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم
- نبي الله يوسف وزليخاء امرأة العزيز لما اعترفت بذنبها وجريمتها وقالت (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) ما قال كما قالت هي لما البسته تهمة الزنا وهتكت عرضه وكرامته وشرفه وهو ابن نبي ابن نبي ابن نبي (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) لم يشتكي عنها الملك ماذا انت فاعل بهذه المرأة بعد ان اعترفت بذنبها انما ترك وشأنها ونسي ما مضى فكر كيف يصلح بهذا البلد الذي شاع فيه الفساد والمفسدين وقال (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) والله ما طلبها حباً للحكم ولا حباً للدنيا وشهواتها وزخارفها انما طلبها ليصلح هذا البلد لأن ملكهم كان فاسداً وزوجته كانت فاسدة ونساء البلد كانوا مفسدين (وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم
- يعقوب عليه السلام وابناءه لما اعترفوا بخطئهم وقالوا له (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) لم يعنفهم ولم يزجرهم ولم يفتح لهم ماضي الاليم ولم يقل لهم انتم الذين حرمتم ابني فلذة كبدي وجعلتموني اعيشوا في حزن وحرقة وكئآبة حتى فقدت عيني طيلة اربعين سنة وكذبتم علي انما فكر بذنوبهم وان يغفر الله لهم ولم يفكر في نفسه (قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم
- نبي الله موسى واخاه هارون عليهما الصلاة والسلام:- لما اسلموا معظم بني اسرائيل ودخلوا الدين افواجاً وكان نبي الله موسى موعداً مع ربه وترك القوم على اخيه ليستمروا في عبادة الله وان يعلمهم الدين وان يحل محل اخيه ولما وصل نبي الله موسى الى ربه في مكان الموعد قبل القوم قال له ربه (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ. قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ. قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ. فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي. قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ. فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ. أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا. وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ. قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا. أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي.) رجع نبي الله موسى الى قومه وهو غضبان غضباً شديداً بسبب قومه قد كفروا وعبدوا العجل اخذ بلحية اخيه يجره وهارون عليه الصلاة والسلام لم يعنفه اخوه ولم يخالف معه ولم يصرخ عليه ولا يقول له دعني وشأني انما كان يقول قولاً رحيماً يا ابن ام والله لو قال بعضنا على بعض بهذه الكلمة لذوبنا كما تذوب الملح في الماء كلمة الرحمة التي جمعتهم في حضن الامومة واختلط بعضنا على بعض محبة واحساساً في الاخوة كما تختلط الملح في الماء يا ابن ام ومع انه كان شقيقه باتفاق جميع العلماء ولكن نبي الله هارون اختار بكلمة يا ابن ام ليحس اخوه الاخوة التي جمعتهم في الام لأن الام رحمة تجمع بين الاخوات وليحس اخوه انهم سقوا من صدر واحد وخرجوا من رحم ام واحدة ولهذا قال له يا ابن ام ولم يحصل بينهم اختلافاً ولا قطيعةً ولا هجران وهكذا الاخوة اذا اختلفوا لا يسل الامر الى ما يحمد عقباه    
- نبي الله محمد وقومه:- لما دخل رسول الله مكة وفتحها وكان معه جيشاً ما يقرب 13 عشرة الف جندياً ولم تأخذه الغرور ولا الكبرياء ولا الانتقام وكان رسول الله منكس الرأس تواضعاً وشكر بنعم الله لأن الله انجز وعده وكانوا اهل مكة لا يقدرون المواجهة بهذا الجيش العرمرم وكانوا ضعفاء اذلاء مستسلمين وكان بجانب رسول الله صحابي يحمل اللواء وهو سعد قال اليوم يوم الملحمة ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل انما اليوم يوم المرحمة واخذ الراية منه واعطاه ابنه  ورسول الله سأل اهل مكة (
 يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء
) يا سلام يا عيني يا رسول الله والله قد صدق الله قوله ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ) بهذه السهولة تنازل رسول الله حقه وحق اصحابه لاصحاب مكة وهم كفارولم يسلموا بعد الذين قتلوا اصحابه وعذبوهم شر عذاب واخرجوهم من مكة واخذوا اموالهم وسكنوا ديارهم لم يتحاسب معهم ولم يفتح لهم قضايا الماضي العفن النتن انما قال لهم قولته الشهيرة اذهبوا فانتم الطلقاء 
- رسول الله وقتل حمزة ابن عبد المطلب لما قتلوا المشركين حمزة عم رسول الله في احد بيد عبد حبشي يسمى الوحشي وكان عبداً لهند بنت عتبة زوجة ابو سفيان ومثلوا جثته وقطعوه وجدعوا انفه واخرجوا كبده ولاكت هند كبد حمزة وقالت لاشربن جمجمته بالخمر حزن رسول الله حزناً شديداً واقسم بالله لاقتلن سبعين منهم انتقاماً من الكفار لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب حمزة حباً شديداً فنزلت الأية (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ( 126 ) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ( 127 ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( 128 ) ) فقال رسول الله نصبر ولا نعاقب وهذا قمة الصفح والشجاعة والتجاوز والعفو عند القدرة وامتثال امر الله واخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأية بما فيه الخيرية ولئن صبرتم لهو خير للصابرين اختار الصبر بدل الانتقام ودوامة العداوة
- رسول الله وعبد الله ابن ابي ابن سلول منافق هذه الامة وعميل اليهود الذي قال (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) امر رسول الله باصحابه بقتل ابن سلول وجاء ابنه وكان مؤمناً صالحاً صحابياً جليلاً الى رسول الله قال يا رسول الله بلغني انك امرت بقتل ابي فوالله اني لا اطيق ان ارى بقاتل ابي دعني يا رسول الله ان اقتله بيدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الرحمة لقد عفوت من اجلك تنازل رسول الله حقه بهذا المنافق بعد ان سمى رسول الله الذليل 
ولما مات هذا المنافق اعطى رسول الله ابنه جبته عسى ان يرحمه الله وصلى عليه صلاة الجنازة بعد ان كان عمر ابن الخطاب يمنعه ويحول بينه وبين الجنازة ويقول يا رسول الله اتصلي على هذا المنافق وكان رسول الله يقول دعني يا عمر فنزلت الأية الكريمة ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) ومن شدة رحمته لاصحابه وتجاوزه قال فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة ، لعل الله أن يغفر لهم فرد الله عليه (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين
- جريج عابد بني اسرائيل وقصته:- لما اتهمت الباغية الفاجرة الزانية جريج العابد الرجل الصالح بانه زنا منها وحملت منه جاءوا قومها فكسروا وهدموا صومعة جريج فقالوا تدعي انك عابد ورجل صالح وتزني من النساء قال اين المرأة واين ابنها فاتوا بها هي وابنها وسأل جريج الابن فقال من ابوك فانطق الله الجنين فقال راعي الغنم فبرئت تهمة جريج واستغربوا ان الجنين نطق وبرأه فاكبوا عليه وقبلوا قدميه وقالوا نبني صومعتك من الذهب قال والله لا اريد صومعة من الذهب ارجعوها وابنوها كما كانت من طين ومدر وتجاوز عن المرأة وصافح عنها وتنازل عن حقه وشرفه وطعن عرضه ولم يتحاسب معها ولا اشتكى عنها هكذا هو دأب الصالحين لا يتبعون الاساءة بالاساءة  
- ابو بكر ومسطح ابن اثاثة:- لما اتهمت عائشة بالزنا وحديث الافك وكان من بين هؤلاء الذين شاعوا بهذه الاشاعة الكاذبة مسطح ابن اثاثة ابن خالة ابي بكر وكان مسكيناً فقيراً من المهاجرين وكان ابو بكر ينفق هذا الرجل وينفعه ولما سمع ابو بكر بما يشيع مسطح ابن اثاث قطع منه النفقة ونزلت الأية الكريمة ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيمقال الصديق بلى ، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا . ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، في مقابلة ما كان قال : والله لا أنفعه بنافعة أبدا ، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته 
وهكذا كان سنن الرسل والانبياء ودأب الصالحين ان يصفحوا ويتجاوزوا المسيء ولا يعاملونهم بالمثل وان لا ينبشوا ما مضى من الاساءات وكانوا لا يقاطعون اهليهم وذوي ارحامهم لأن الله حرم القطيعة وهي من الكبائر  
وقد استغربت بعض الناس الجهلة لما يختلفون مع اخوانهم ويتخاصمون معهم ويحصل بينهم فرقة والقطيعة من ذوي ارحامهم واقرباءهم واخوانهم يحلفون بشتى القسم الغليظة ويأمرونهم الا يزورونهم في مرضهم وان ماتوا الا يغسلونهم ولا يكفنوهم ولا يقبرونهم ولا يشهدوا على مأتمهم ويهددونهم بقطيعة ابدية لا رجعة فيها اخي المسلم ان الاخوة ليس امر بيدك ولا باختيارك اخترتها انت بان يكون هذا الشخص اخاً لك ولا بقدرتك ان تلغيها انما هو امر ارادها الله ان يكون هذا الشخص اخاً لك وليس باختيارك انت ولو ان حصل بينك وبين اخيك مقاطعة وخالفت مع اخيك انما الاخوة هي امر قدر الله ان يكون اخوك اخاً لك ليس في الدنيا فقط انما الاخوة تبلغ مداها الى يوم الدين الى الجنة ان شاء الله الم تسمع قول الله (فاذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرةووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة)
وحتى ان فروا منك الم يسمي الله من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه 
( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم وامتازوا اليوم أيها المجرمون) اليسوا ازواجنا في الدنيا الم ترى ما زالوا ازواجنا في الجنة اذاً اين الفراق والقطيعة والهجران وسوء المعاملة والتباعد والتباغض (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) اليس ذريتك في الدنيا قد الحق الله بك في الاخرة اذاً اين القطيعة اخي المسلم والهجران
اليس الله قد امرنا الاصلاح بين الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ابتغاء بوجه الله وان يسود المحبة والالفة بين الناس ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)            
         
   

     
       
     

No comments:

Post a Comment