بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)
ان الله خلق نفس واحدة وليست هناك نفوس متعددة انما هذه النفس هي التي تنقسم الى ثلاثة اقسام ولكل قسم لها صفة معينة واسم معين فهناك نفس المطمئنة - والنفس اللوامة - والنفس الامارة. والنفس من اشد اعداء الانسان لأنها تدعوا الى الرذائل وحبب اليها الشهوات وايثار الحياة الدنيا وسائر امراض القلب ينشأ من جانبها وهي تسعى دائما وراء الشهوات ظنا ان هذه الشهوات فيها السعادة والراحة والناس انقسموا الى قسمين قسم ملكته نفسه والجمته وقادته فهو لها عبد مطيع ولا يقدر ان يحجم ما تأمره ويجري وراءها حيث ينقاد لها ولا يخالف حيث تقوده ولا يخالفها ولا يعصي لها امرا وقسم ءاخر حكم نفسه وملكها وارشدها وقهرها وارغمها حتى صارت مطيعة له وهو الذي يقودها حيث اراد وملك زمامها ويأمرها برغبته وما يشتهيه هو ولا طمع يخذله ولا شيطان يضله ولا يركن وراء الدنيا الفانية
النفس المطمئنة:
فهي نفس تعتبر ارتضت بربها بالعبودية والمحبة وحسن العبادة والانابة الى الله والتوكل وحسن الظن بربها فهذه النفس هي التي تسعى سكينة القلب وتتفق مع القلب في كل الاحوال فهي النفس التي رضي الله عنها وهي دائمة سعيدة (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
فهي نفس جاهدت بالمعاصي ومخالفة امر الله والشهوات ومقاومة هوى النفس وتطهرت من الادران والاوساخ من كل رجس ودنس حتى وصلت الى درجة الاطمئنان وقامت بتزكيتها وتهذيبها من الرذائل واستقامت بطاعة الله ونهيه وصدقت وعد الله ولقائه ذاقت طعم الايمان ورضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا ونبينا واستقرت وسكنت الى ربها وطاعته الى عبودية الله وامره وهي التي سماها الله بقوله تعالى (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)
(الشََّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) " . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي الأَحْوَصِ لاَ نَعْلَمُهُ مَرْفُوعًا إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الأَحْوَصِ)
فبعض الاحيان تتفق النفس الامارة وتنسجم مع الشيطان لأن لكل نفس لها قرين ولكل شيطان يعرف مداخل قرينه ما يحبه من الشهوات وما يثير غضبه وتنفعل وتهيج شهوته فيدخل من هذا الباب حتى يوقعه الفاحشة
وبعض الاحيان تعمل النفس الفواحش وترتكب الكبائر وتنغمس الرذائل لوحدها دون وسوسة الشيطان كما قال الله (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ان الله خلق نفس واحدة وليست هناك نفوس متعددة انما هذه النفس هي التي تنقسم الى ثلاثة اقسام ولكل قسم لها صفة معينة واسم معين فهناك نفس المطمئنة - والنفس اللوامة - والنفس الامارة. والنفس من اشد اعداء الانسان لأنها تدعوا الى الرذائل وحبب اليها الشهوات وايثار الحياة الدنيا وسائر امراض القلب ينشأ من جانبها وهي تسعى دائما وراء الشهوات ظنا ان هذه الشهوات فيها السعادة والراحة والناس انقسموا الى قسمين قسم ملكته نفسه والجمته وقادته فهو لها عبد مطيع ولا يقدر ان يحجم ما تأمره ويجري وراءها حيث ينقاد لها ولا يخالف حيث تقوده ولا يخالفها ولا يعصي لها امرا وقسم ءاخر حكم نفسه وملكها وارشدها وقهرها وارغمها حتى صارت مطيعة له وهو الذي يقودها حيث اراد وملك زمامها ويأمرها برغبته وما يشتهيه هو ولا طمع يخذله ولا شيطان يضله ولا يركن وراء الدنيا الفانية
النفس المطمئنة:
فهي نفس تعتبر ارتضت بربها بالعبودية والمحبة وحسن العبادة والانابة الى الله والتوكل وحسن الظن بربها فهذه النفس هي التي تسعى سكينة القلب وتتفق مع القلب في كل الاحوال فهي النفس التي رضي الله عنها وهي دائمة سعيدة (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
فهي نفس جاهدت بالمعاصي ومخالفة امر الله والشهوات ومقاومة هوى النفس وتطهرت من الادران والاوساخ من كل رجس ودنس حتى وصلت الى درجة الاطمئنان وقامت بتزكيتها وتهذيبها من الرذائل واستقامت بطاعة الله ونهيه وصدقت وعد الله ولقائه ذاقت طعم الايمان ورضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا ونبينا واستقرت وسكنت الى ربها وطاعته الى عبودية الله وامره وهي التي سماها الله بقوله تعالى (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
وراعها وهي في الأعمال سائمة ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أن السم في الدسم
وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية الندم
النفس اللوامة:
فهي النفس المترددة كثيرة التحول والتقلب من وقت الى ءاخر تارة يعتريها مخالفة امر الله وتارة اخرى تسرع الى التوبة والانابة الى الله فهي بين فعل الشر والخير وبين الندامة والحسرة وبين الرجوع الى الله اذا فعل صاحبها محذورا وبين الغفلة وذكر الله بين الفرح والحزن وتارة اخرى تعمل بما يغضب الله وتوقع صاحبها الذنب ثم تلوم وتندم وهكذا تتقلب ومن كثرة ترددها وتلومها وتلونها لا تستقر على حال واحدة وصاحبها لا يحاسب نفسه فلابد من محاسبة النفس (السابع: عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني") فلا يكون العبد تقيا الا بمحاسبة النفس لآن الغفلة والتسويف وترك محاسبة النفس فهو اصل الهلاك فيحاسبها على المناهي والاوامر وهل ارتكب مذموما او محذورا فلهذا لابد المبادرة بالتوبة وفعل الحسنات والاقبال على الله ومسارعة فعل الخيرات فهذه النفس فهي التي يزداد ايمانها وينقص فهي بين لمة الشيطان ولمة الملك كما قال رسول الله (حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ قَرَأ : فبعض الاحيان تتفق النفس الامارة وتنسجم مع الشيطان لأن لكل نفس لها قرين ولكل شيطان يعرف مداخل قرينه ما يحبه من الشهوات وما يثير غضبه وتنفعل وتهيج شهوته فيدخل من هذا الباب حتى يوقعه الفاحشة
وبعض الاحيان تعمل النفس الفواحش وترتكب الكبائر وتنغمس الرذائل لوحدها دون وسوسة الشيطان كما قال الله (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
يا متعب الجسم كم تسعى لراحتـه أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
نهارك يا مغرور سهو وغفـلة وليلك نوم والردى لك لازم
وشغلك فيما سوف تكره غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم
تا الله لو عاش الفتى في عمره ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلـذذاً فيـها بكل نعيـمه متنعمـاً فيها بنعمى عصره
ما كـان ذلك كله في أن يفي بمبيت أول ليـلة في قـبره
النفس الامارة:
وهي النفس التي تأمر صاحبها بالسوء وملكته فهي خبيثة مذمومة وهي نفس مريضة بشتى الامراض من الرذائل والفواحش نفس مقصرة في جنب الله وتدعوا صاحبها بما تهواه من شهوات واتباع الباطل فهي مكمن السوء والقبح وكل مكروه فهي اصلها امارة بالسوء تأمر صاحبها بما يحول بينه وبين ربه وبما يقربه الى النار والى الطغيان وايثار الحياة الدنيا فهي قاطعة بين القلب وبين الوصول الى الله فهذه النفوس ملكتهم الشياطين والشهوات وهوى النفس فصارت طوعا تحت اوامر الملذات والرذائل وهي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نكت صاحبها في قلبه نكتة سوداء (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)
فلابد من محاسبة النفس ولابد ان تعرف اي الفريقين انت وان تطلع عيوب نفسك وان تراقبها ولا تهملها لأن الاهمال يؤدي الى تمرد النفس على صاحبه وان تعرف اقصرت في جنب الله وهل انت من المفرطين (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) لأن الله يسألك هذه النفس الذي استودعك اياها هل اديت حقها لأنك مسئول عنها وهل وفيت حق الله لأن الاهمال وترك المحاسبة والاسترسال وتسهيل الامور فان هذا يؤدي الى الهلاك (وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبى الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال: ما شأنك قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدراداء فصنع له طعاماً، فقال له: كل فإنى صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له: نم، فنام، ثم ذهب يقوم فقال له : نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن: فصليا جميعاً، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذى حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "صدق سلمان") (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
فالنفس داعية الى الهلاك ومعينة للشيطان والاعدء طامعة كل الفواحش والسوء فهي في جبلتها مخالفة صاحبها فلابد ان تتحرر من رقها وعبوديتها وطمعها وشهواتها فلابد ان تتأمل وتتحرى هل نفسك تحجب قلبك عن معرفة الله والشوق الى الله وهل تؤدي حق الله كما امرك وكما ينبغي ان يعبد الله وان تذم نفسك ان قصرت في جنب الله فالنفس حتى وان وصلت الى مرحلة الطمأنينة فلن تكون ابدا بمعزل عن الخطايا والذنوب لأن كل بني ءادم يعتريه النقص والخطأ لا محالة