بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
هي عداوة ابليس لعنه الله تبدأ قبل المخاض يحضر ابليس حين يجامع الزوج زوجته فيشارك معهم ان لم يسميا الوالدين الله قبل الجماع (عن ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا)
فإن نسيا فالشيطان يكون له نصيب على الابن ان رزقهم الله يسلط الشيطان سلطانه على هذا الابن بالاضلال والاغواء والولد الذي يقال له بالتسمية يحفظه الله من اضلال الشيطان واغوائه ولا يكون عليه سلطانا ببركة التسمية ويفيد مشروعية ذكر الله عند الجماع طرد الشيطان ويفيد ايضا طرده من البيت إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء
وكذلك ايضا يحضر ابليس حين المخاض والولادة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يطعن الشيطان في خاصرته إلا ابن مريم؛ فإنه جاء يريد أن يطعنه فطعن في الحجاب) وسبب نجاته عليه الصلاة والسلام بهذا الطعن وحده لخصوص دعوة ام مريم حيث سألت الله ان ينجيه الشيطان مريم عليها الصلاة والسلام وذريتها (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
وهذه العداوة مستمرة من خروج الرحم الى الممات والى اللحد غير منقطعة ومما يدل ذلك على ان طلب ابليس من ربه تأخير الاجل الى يوم القيامة بسبب اغواء ذرية ءادم عليه السلام ليزين لهم المعاصي والشهوات ووقوع الفواحش من شتى السبل والوسائل ليعم الفساد جميع اجيال ذرية ءادم جيلا بعد جيل فلا يكون جيلا ءامنا من اغواءه وبطريقته حسب كل عصر وتغيير الازمنة ويسوقهم حيث يشاء ويغويهم مكايده وتدبيره ويقودهم ويلجمهم كما تلجم الدابة وواعد ايضا هذا اللعين انهم لأتينهم من كل السبل والجهات حتى لا ينجو منهم احد قال تعالى (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) قال لاقعدن ولاصدن كل طريق الخير وامهد لهم طريق الشر ولازينن لهم كل الفواحش فلا ادع طريقا شرا الا اتيت بهم ولا طريق خير الا منعتهم وصديت عنهم قال صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال له أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك قال فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال أتهاجر وتذر أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول قال فعصاه فهاجر قال ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له هو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال قال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)
كل مولود يولد سويا بخلقته مستقيما لدينه فطره الله خلقه على معرفة ربه وتوحيده ولكن الشياطين تجتالهم وتسوقهم وتنقلهم وتحولهم من مقصد خلقتهم الى ما اراد به ابليس وهذا ما يسمى تغيير الفطرة فالشيطان يقعد الانسان من كل مسلك واخرى ومن كل ضلال الى ضلال اشد منه حتى يخرجه عن اصل خلقته وهي الحنفية السمحة ويوصله الى ما لا يحمد عقباه لأنه يجري مجر الدم فالاجتيال يكون تزين الشهوات المحرمة والاغواء بكل انواع الرذائل وتضليلهم من السبيل الحق والرشاد الى سبل الضلال والفواحش ان الله خلق خلقه مؤهلين لقبول الاسلام والفطرة السوية ومهيئين فطريا وخلقيا على قبول الحق ولكن الشياطين تصدهم (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , نا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ , أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : " أَلا إِنَّ رَبِّي أَوْ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا , كُلُّ مَا نَحَلْتُ حَلالٌ , وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ , وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ , وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ , وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا , وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ : إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ , وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ , وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْرِقَ قُرَيْشًا , فَقُلْتُ : رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً , فَقَالَ : اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ , وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ , وَأَنْفِقَ فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ , وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثُ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ , وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ ")
ان الشيطان يشارك ابن ءادم بماله كما قال الله وشاركهم في الاموال كل مال جمع بالحرام وانفق بالحرام ومعصية الله وطاعة الشيطان واصيب من غير حل واكتسبوا من خبيث واستعمل بالاسراف والتبذير وما يغضب الله وانفق عن صد سبيل الله فهو من مشاركة ابليس (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون)
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)
ويشاركهم ايضا في الصوت وهو الصراخ ورفع الصوت بتشجيع المبارات بتعذيب النفس وايذاء الغير (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) وايضا يشاركهم في الصوت الا وهو الغناء والطرب واللهو والمزامير وآلات العزف والرقص والغزل بين الرجل والمرأة وتزيين المرأة صوتها لتجعلها رنانة وتنتبه انتباه الرجال (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)
ويزين الشيطان على ذرية ءادم لتغيير خلق الله كما خلقهم الله وهم المتشبهات بالرجال ومتشبهين بالنساء ولعن رسول الله المتشبهين والمتشبهات في الحركات والسكنات واللباس والاصوات والتصنع بالاعضاء وتغيير الشكل (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال) وكذلك الواشمات والمتنمصة والمتنمصات والواشمة وهي تفعلها المرأة الكبيرة السن لتشبه نفسها كأنها شابة وهذا من الكبائر وهو التدليس والخدعة وتغيير خلق الله قال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة أخرجه مسلم) ولعن ايضا صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة
(لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
ويسعي هذا اللعين ايضا ليعيش المسلم حزينا كئيبا كارها للحياة مملا لنفسه يخاف الفقر تضيق به الارض بما رحبت لا تسعه رحمة الله يرى الحياة منظورا خاطئا وضيقا ويوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين والشك فيما بينهم وسوء المعاملة قال رسول الله (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه)
(إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
وتارة هذا اللعين يحاول الانبياء وهم المعصومين الذين عصمهم الله وغفرلهم ذنوبهم ما تقدم منه وما تأخر وهيهات ان يغويهم الشيطان وهذا مما شهد الشيطان بلسانه (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
اعترض الشيطان وكرس طاقته لما اراد نبي الله ابراهيم ان بذبح ابنه بأمر من الله ورؤية صادقة الا يذبح ابنه ووسوسه على ان الرؤية ليست حقيقة انما هي رؤية شيطانية وكيف تذبح ابنك الوحيد الذي انتظرت طول حياتك فعرف نبي الله ابراهيم ان هذا من الشيطان فطرده فرجم عليه ثلاثة جمرات وبهذا اصبح الشيطان فشل وقام ابراهيم ليؤدي ما امره الله لأن ابراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه سلما الامر لله
وكذلك عفريتا من الجن اراد ان يشغل رسول الله صلاته ويقطع ويوسوس عنه ويحول بينه وبين الصلاة حاملا بالنار (حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح يقول حدثني ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداءقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول أعوذ بالله منك ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك قال إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة)
فاستعاذ به رسول الله ثلاثا ولعنه ثلاثا ولم يتأخر فخنقه ولكن رسول الله تركه لدعوة اخيه نبي الله سليمان قال رسول الله ثم أردت أن آخذه والله لولا دعوة سليمان لأصبح موثقا يلعب به صبيان أهل المدينة
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
هي عداوة ابليس لعنه الله تبدأ قبل المخاض يحضر ابليس حين يجامع الزوج زوجته فيشارك معهم ان لم يسميا الوالدين الله قبل الجماع (عن ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا)
فإن نسيا فالشيطان يكون له نصيب على الابن ان رزقهم الله يسلط الشيطان سلطانه على هذا الابن بالاضلال والاغواء والولد الذي يقال له بالتسمية يحفظه الله من اضلال الشيطان واغوائه ولا يكون عليه سلطانا ببركة التسمية ويفيد مشروعية ذكر الله عند الجماع طرد الشيطان ويفيد ايضا طرده من البيت إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء
وكذلك ايضا يحضر ابليس حين المخاض والولادة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يطعن الشيطان في خاصرته إلا ابن مريم؛ فإنه جاء يريد أن يطعنه فطعن في الحجاب) وسبب نجاته عليه الصلاة والسلام بهذا الطعن وحده لخصوص دعوة ام مريم حيث سألت الله ان ينجيه الشيطان مريم عليها الصلاة والسلام وذريتها (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
وهذه العداوة مستمرة من خروج الرحم الى الممات والى اللحد غير منقطعة ومما يدل ذلك على ان طلب ابليس من ربه تأخير الاجل الى يوم القيامة بسبب اغواء ذرية ءادم عليه السلام ليزين لهم المعاصي والشهوات ووقوع الفواحش من شتى السبل والوسائل ليعم الفساد جميع اجيال ذرية ءادم جيلا بعد جيل فلا يكون جيلا ءامنا من اغواءه وبطريقته حسب كل عصر وتغيير الازمنة ويسوقهم حيث يشاء ويغويهم مكايده وتدبيره ويقودهم ويلجمهم كما تلجم الدابة وواعد ايضا هذا اللعين انهم لأتينهم من كل السبل والجهات حتى لا ينجو منهم احد قال تعالى (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) قال لاقعدن ولاصدن كل طريق الخير وامهد لهم طريق الشر ولازينن لهم كل الفواحش فلا ادع طريقا شرا الا اتيت بهم ولا طريق خير الا منعتهم وصديت عنهم قال صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال له أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك قال فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال أتهاجر وتذر أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول قال فعصاه فهاجر قال ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له هو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال قال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)
كل مولود يولد سويا بخلقته مستقيما لدينه فطره الله خلقه على معرفة ربه وتوحيده ولكن الشياطين تجتالهم وتسوقهم وتنقلهم وتحولهم من مقصد خلقتهم الى ما اراد به ابليس وهذا ما يسمى تغيير الفطرة فالشيطان يقعد الانسان من كل مسلك واخرى ومن كل ضلال الى ضلال اشد منه حتى يخرجه عن اصل خلقته وهي الحنفية السمحة ويوصله الى ما لا يحمد عقباه لأنه يجري مجر الدم فالاجتيال يكون تزين الشهوات المحرمة والاغواء بكل انواع الرذائل وتضليلهم من السبيل الحق والرشاد الى سبل الضلال والفواحش ان الله خلق خلقه مؤهلين لقبول الاسلام والفطرة السوية ومهيئين فطريا وخلقيا على قبول الحق ولكن الشياطين تصدهم (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ , نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , نا هِشَامٌ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ , أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : " أَلا إِنَّ رَبِّي أَوْ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا , كُلُّ مَا نَحَلْتُ حَلالٌ , وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ , وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ , وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ , وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا , وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ : إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ , وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ , وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَحْرِقَ قُرَيْشًا , فَقُلْتُ : رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً , فَقَالَ : اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ , وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ , وَأَنْفِقَ فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ , وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثُ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ , وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ ")
ان الشيطان يشارك ابن ءادم بماله كما قال الله وشاركهم في الاموال كل مال جمع بالحرام وانفق بالحرام ومعصية الله وطاعة الشيطان واصيب من غير حل واكتسبوا من خبيث واستعمل بالاسراف والتبذير وما يغضب الله وانفق عن صد سبيل الله فهو من مشاركة ابليس (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون)
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)
ويشاركهم ايضا في الصوت وهو الصراخ ورفع الصوت بتشجيع المبارات بتعذيب النفس وايذاء الغير (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) وايضا يشاركهم في الصوت الا وهو الغناء والطرب واللهو والمزامير وآلات العزف والرقص والغزل بين الرجل والمرأة وتزيين المرأة صوتها لتجعلها رنانة وتنتبه انتباه الرجال (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)
ويزين الشيطان على ذرية ءادم لتغيير خلق الله كما خلقهم الله وهم المتشبهات بالرجال ومتشبهين بالنساء ولعن رسول الله المتشبهين والمتشبهات في الحركات والسكنات واللباس والاصوات والتصنع بالاعضاء وتغيير الشكل (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال) وكذلك الواشمات والمتنمصة والمتنمصات والواشمة وهي تفعلها المرأة الكبيرة السن لتشبه نفسها كأنها شابة وهذا من الكبائر وهو التدليس والخدعة وتغيير خلق الله قال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة أخرجه مسلم) ولعن ايضا صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة
(لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
ويسعي هذا اللعين ايضا ليعيش المسلم حزينا كئيبا كارها للحياة مملا لنفسه يخاف الفقر تضيق به الارض بما رحبت لا تسعه رحمة الله يرى الحياة منظورا خاطئا وضيقا ويوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين والشك فيما بينهم وسوء المعاملة قال رسول الله (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه)
(إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
وتارة هذا اللعين يحاول الانبياء وهم المعصومين الذين عصمهم الله وغفرلهم ذنوبهم ما تقدم منه وما تأخر وهيهات ان يغويهم الشيطان وهذا مما شهد الشيطان بلسانه (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
اعترض الشيطان وكرس طاقته لما اراد نبي الله ابراهيم ان بذبح ابنه بأمر من الله ورؤية صادقة الا يذبح ابنه ووسوسه على ان الرؤية ليست حقيقة انما هي رؤية شيطانية وكيف تذبح ابنك الوحيد الذي انتظرت طول حياتك فعرف نبي الله ابراهيم ان هذا من الشيطان فطرده فرجم عليه ثلاثة جمرات وبهذا اصبح الشيطان فشل وقام ابراهيم ليؤدي ما امره الله لأن ابراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه سلما الامر لله
وكذلك عفريتا من الجن اراد ان يشغل رسول الله صلاته ويقطع ويوسوس عنه ويحول بينه وبين الصلاة حاملا بالنار (حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح يقول حدثني ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداءقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول أعوذ بالله منك ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك قال إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة)
فاستعاذ به رسول الله ثلاثا ولعنه ثلاثا ولم يتأخر فخنقه ولكن رسول الله تركه لدعوة اخيه نبي الله سليمان قال رسول الله ثم أردت أن آخذه والله لولا دعوة سليمان لأصبح موثقا يلعب به صبيان أهل المدينة
No comments:
Post a Comment