Saturday, 3 January 2015

ايهما افضل؟

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
- ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)
ومن المعلوم ان الشارع لم يحدد قدرا محددا في المهر لا من قلة ولا من كثرة لكي يكون فيما بين الناس التراحم والتعاطف ونظرا في حالة من تقدم للخطبة والحالة الزمنية والبيئية والاقتصادية وعرف الناس فيما بينهم والعادات والتقاليد التي لا تعارض شرع الله واصل المهر هو حق المرأة لا يأخذها ولي امرها لأن المهر مقابل الاستمتاع بها ومن حقها ان تتصرف كما تشاء (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما) ومن حق المرأة ايضا ان تأخذ المهر الكثير حسب التراضي بين الطرفين لأن حكم الله لم يمنعها ذلك ولم يحرمها وانما احل لها لأن الله اباح لها ان تأخذ القنطار والقنطار مال كثير (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) والأية تدل على اباحة مغالاة المهر لأن الله لا يذكر في كتابه العزيز الا ما هو حلال ومباحا شرعا وقد دفع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه اربعين الف صداقا لام كلثوم بنت علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وهذا يدل اباحته 
وقد دفع النجاشي ملك الحبشة لام حبيبة بنت ابي سفيان صداقا قدره اربعمأة دينار لتزويج رسول الله اياها واقام لها وليمة وهذا قدر من المال لا يستهان به وهو كثير وبرضا رسول الله 
ولكن الافضل والاولى :
- تيسير المهر لأنه مطلب شرعي وهدي نبوي لتيسير وتسهيل الزواج من بين الازواج حتى لا ينصرف الناس عن الزواج ولكي لا يحصل مفاسد خلقية واجتماعية وسلبيات وفواحش وهتك الاعراض بصورة غير شرعية والاغتصاب الذي شاع كثيرا في زمننا هذا لأن غلا المهر يسبب المفسدة والمضرة وكثرة العنوسة وترك الشباب الزواج لعدم القدرة على النفقة الباهظة ولا يقدرون بحمل كاهلهم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابُورَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْصَارِيُّ، أَخُو فُلَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، عَنِ ابْنِ وَثِيمَةَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏ "‏ إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ‏"
ويبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الرضا بالدين والخلق فقط وهذا هو الافضل والاهم والاحسن لأنه نبه ان لم نفعل هذا تكن فتنة وفساد في الارض فان كان الشاب كفؤاً للشابة دينا وخلقا وعفة وصلاحا وعلما فما المانع في تزويجه اياها حتى وان لم يكونوا في جنسية واحدة او قرابة قبلية او خلاف المذهب فيما بينهم فمن المفترض ان لا يكونوا للاولياء يطمعون الزيادة وعرض الدنيا وحطامها لأن هذا يسبب النفرة بين الناس والهجر عن الزواج ويحصل الكثير من المشكلات التي لا حصر لها فلابد للاولياء ترغيب الشباب بالزواج وليعلموا ان الكفائة هو الدين فقط والخلق والعفة 
قالت عائشه رضي الله عنها (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ نِسَاءِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَتْ كَانَ صَدَاقُهُ فِي أَزْوَاجِهِ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا هَلْ تَدْرِي مَا النَّشُّ هُوَ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ
وعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه تزوج بامرأة من الانصار بصداق قدره نواة من ذهب وهذا قدر صداق قليل ولكن حصل بالتراضي فيما بينهم والرضا هو الاهم ولو كان قليلا لأن المهر لا يرفع قدر المرأة ولو كان كثيرا  
وفاطمة بنت رسول الله سيدة نساء اهل الجنة كان صداقها درع الحطيمة وكان اشرف زواج على وجه الارض وقد انجبت لعلي رضي الله عنه سيدا شباب اهل الجنة الحسن والحسين. فاعلم ايها المسلم ان أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة لأن رسول الله قال للصحابي التمس ولو خاتما من حديد 
وقال رسول الله (عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَسْهِيلُ أَمْرِهَا ، وَقِلَّةُ صَدَاقِهَا " ، قَالَ عُرْوَةُ : وَأَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي : وَمِنْ شُؤْمِهَا تَعْسِيرُ أَمْرِهَا ، وَكَثْرَةُ صَدَاقِهَا           
- ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )
فرض الله الحج على كل مسلم ومسلمة بالغ عاقل قادر وهي من العبادات الذي فرض الله علينا وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة الا الغريم فانه لا يجب عليه الحج الا ان يقضي دينه (ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا) وهي عبادة امر الله ادائها على الفور ان كان صاحبه قادرا على ملتزمات ومصاريف الحج وتكلفة السفر والمؤنة والزاد وهذا تقييد قيده الله على كل من وجب عليه والاستطاعة في البدن والمال والأمن وقد حث رسول الله بالترغيب على الحج والاسراع دون تأخير (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ») وقال ايضا (سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله ، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله ، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور
فمن تركه وهو قادر على الحج فانه في خطر ومن باب التهديد والترهيب والوعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ملك زاداً وراحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره مات يهودياً أو نصرانياً، وذلك بأن الله قال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}) وهذا يدل على عدم التهاون والتكاسل في الحج لأنه فريضة فرضه الله على كل قادر ولا يجوز الاهمال فيما فرضه الله على عباده 
ولكن الافضل والاولى:  
اذا كان المرء لا يملك الا ما يحج به وهو عازب ولا يقدر ان يتزوج ويحج في ءان واحد ولا يكفي فيما يملك من المال في الحالتين وفيه رغبة شديدة في الزواج ويخاف ان يقع الفتنة والفاحشة فان كانت شهوته ملحة شديدة فعليه ان يؤجل الحج ويقدم الزواج فهذا هو الأولى والافضل لأن الزواج غض للبصر وحصن للفرج ووقاية من وقوع الزنا والفواحش وعفة النفس قال رسول الله (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ‏")   
فما معنى ان قدم الحج واجل الزواج ولما اتم حجه وقع في محذور والفاحشة والعياذ بالله لأن الشهوة غريزة تحرق صاحبه وتدفعه الى ما لا يرضى الله الا ترى رسول الله امر لمن لا يستطيع الزواج بالصوم لأنه وجاء له اي وقاية من هذه الشهوة والصوم يقلل قوة الشهوة والمؤمن لابد ان يكون عفيفا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن والله امر حتى للفقير الذي لا يملك الا القليل ان يبادر في الزواج وان يتزوج ووعده ان يغنيه من بعد الزواج فهذا يدل على ضرورية العفة وتقديم الاولى بالاولى والاهم ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم
- ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) الجهاد في الاسلام هو ذروة سنام الاسلام ومفهوم واسع وليس مقتصرا للقتال وحمل السلاح وتجهيز المؤن والعدة والعتاد والسلاح وقتال الكفار انما الجهاد في الاسلام ينقسم الى اقسام عدة جهاد القتال وجهاد الدفاع وجهاد الطلب وجهاد النفس وجهاد المرتدين والبغاة ونجد في زمننا هذا ان هناك تلبيس في مفهومية الجهاد واشتبك فيها الحق بالباطل وخلط معانيه وشروطه فديننا دين سلم ولم يأمرنا الله ان نقاتل الا من عادانا ظلما وعدوانا ومن يعتدي علينا ويقاتلنا في ديارنا واموالنا واعراضنا (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) وكل الحروب الذي قام بها رسول الله كانت حروب دفاعية ولم يقاتل رسول الله كفار مكة ومع انهم كانوا يعتدون ويعذبون اصحابه ويقتلونه حارب معهم الا بعد ما جاء الامر من الله وهو حرب دفاعي ولم يبدأ هو ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) ومن شروط الجهاد الاذن من ولي الامر اذا كان يحكم بما انزل الله ولا يجوز للمسلمين ان يدعوا الى الجهاد الا باذن من ولي الامر فلابد ان يكون الجهاد تحت راية الولي هو الموكل ويلزم على الرعية طاعة ولي امرهم فيما ينهاهم ويأمرهم ومن شروطه الاذن بالوالدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل من اصحابه فطلب منه ان يجاهد معه سأله رسول الله الك ابوان يقصد الرسول ابوان عاجزان عن القيام باعمال انفسهم قال الصحابي نعم فرد عليه النبي ففيهما فجاهد (وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: { جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ ‏- صلى الله عليه وسلم ‏-يَسْتَأْذِنُهُ فِي اَلْجِهَادِ.‏ فَقَالَ: " [ أَ ] حَيٌّ وَالِدَاكَ?" , قَالَ: نَعَمْ: قَالَ: " فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ" }) فمن كان له والدان في حاجة له فليس عليه ان يجاهد جهاد القتال كفى المرء اثما ان يضيع لمن يعول ورعاية الوالدان واجبة ورضاهما من رضى الله وسخطهما من سخط الله فليس من المعقول ان تقدم الواجب على الجهاد لأن الجهاد فرض كفاية ورعاية الوالدان فرض عين (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم  
ولكن الافضل والاولى:
ان يقدم المجاهد جهاد النفس قبل جهاد القتال لابد مجاهدة النفس وشهواتها ووساوس الشياطين ومجاهدة الشبهات وهو ان تدفع كل ما يلقي الى خاطرك من شبهات وشهوات والمعاصي والأثام قال رسول الله (أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه
وهي تزكية النفس وتوجيهها الى طريق الصلاح والخير وخلاف نوازعها الشريرة والشيطانية ومخالفة اهوائها الامارة بالسوء قال تعالى (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) فهذا هو جهاد الاكبر فهو جهاد النفس اوسع واكبر من جهاد القتال لأن النفس اذا لم تكن متغلبة بالهوى فكيف تجاهد بالعدو
لأن هذه السنوات الأخيرة وجدنا ممن يزعمون المقاومة الاسلامية والجهاد في سبيل الله ومحاربة الكفر واهل الظلم والضلال قاموا بهتك اعراض المسلمين واغتصاب نسائهم واخذ اموالهم بالظلم ومع انهم يزعمون انهم يقاتلون في سبيل الله فما الفرق بينك وبين من تحارب فلابد اولا ان تحرر نفسك من قيود الجهل وقيد الشيطان فلك الحق بعد ذلك ان تحارب ممن تسمي اعداء المسلمين فان كنت مريض النفس وتتبع هوى النفس ونفسك طماعة اموال الناس وممتلكاتهم ونسائهم فكيف تداوي غيرك لأنك مريض ان الذي يعجز عن محاربة نفسه من الهوى والضلال فهو لا محالة عاجز عن محاربة الاعداء لأن الحرب هو جلب الامان والصلاح بين المسلمين وغلبة الاعداء قال رسول الله (قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه داره فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن قال فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد) عليك ان تصلح نفسك اولا وان تجاهد ما في باطن نفسك وبعد ذلك تجاهد العدو الظاهر وتصلح المجتمع وتقاوم الاعداء كما قال الله تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) اذاً اولا ان تحارب عدو نفسك وقبضة الشيطان والشهوات والنفس الامارة بالسوء فاعلم يا من يدعي انه يحارب في سبيل الله ان قاتل معك هذا المسلم الذي اخذت ماله واغتصبت بناته فقتلته فهو في الجنة وانت في النار ان (صلى الله عليه وسلم - سأله رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: " لا تُعطِهِ مالّكَ "، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: " قاتِلْهُ "، قال: أرأيت إنْ قَتَلَني؟ قال: " فأنتَ شهيدٌ"، قال: أرأيت إن قتلتُه؟ قال: "هو في النار" (2) . هذا وهو مسلمٌ إذا جاء لأخذ مالي وقاتلتُه على مالي فقتلتُه، فهو في النار وهو مسلم، فكيف إذا كان كافراً!)
- (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا
ان قيام الليل هي اقرب قربات الى الله وافضل النوافل ودأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد ولما سئل رسول الله ما هي افضل الصلاة بعد المكتوبة قال قيام الليل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان ينصح اصحابه كان ينصحهم بقيام الليل ويقول في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها قالوا لمن يا رسول الله لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كثيرا ويقوم طويلا حتى تفطرت قدماه حتى قالت زوجته عائشة رضي الله عنها كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟
وعباد الرحمن هم الذين يهجرون المضاجع بنعومته ودفئه ويتركون لذة الفراش ولذة استمتاع ازواجهم من اجل الله (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) ويبيتون في استئناس ربهم في سكون الليل ويفارقون النوم والناس نيام ويتلذذون بقرب ربهم ويتلون كتاب الله حق تلاوته ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ويقضون في ليلتهم سجدا في وجوههم وقياما في اقدامهم وخشوعا في قلوبهم ولا يفترون ولا يملون ويرجون من الله الغفران وان يتجاوز عنهم ويرضى عنهم (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ( 64 ) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ( 65 ) إنها ساءت مستقرا ومقاما) 
إن لله عبــادا فـــطنا       طلقوا الدنيا وخافـوا الفتنا
نظــروا فيهـا فلما علموا      أنها ليـست للـحي وطنا
  جــعلوها لجــة واتخذوا     صالح الأعمـال فيها سفنا    
فاعلم يا اخي ان الله ينزل ثلث الليل كل ليلة الى سماء الدنيا فينادي ويقول جل شأنه وعزة ثنائه هل من مستغفر فاستغفره وهل من تائب فاتوب عليه (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) فهل انت من اهل القيام بالليل ويستغل هذه الفرصة الذهبية الثمينة ام انت ممن بال عليهم الشيطان في اذنه ممن يسهرون بالمسلسلات والافلام الخليعة ويبيتون بغضب الله ولا يقدرون الله حق قدره ولا يهمهم مرضاة الله ولا يهتمون بهذه الجائزة الكبرى الالهية الذي يمن الله عباده كل ليلة وينادي بهم سبحان الله من نام نداء الله كأنه مستغن عن ربه (وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل فيُعطى،  هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً") 
امنع جفونك أن تذوق مناما     واذر الدموع على الخدود سجاما  
واعلم بأنك ميت ومحاسب     يا من على سخط الجليل أقاما  
لله قوم أخلصوا في حبه     فرضي بهم واختصهم خداما  
قوم إذا جن الظلام عليهم     باتوا هنالك سجدا وقياما  
خمص البطون من التعفف ضمرا     لا يعرفون سوى الحلال طعاما  
ولكن الافضل والاولى:
اذا كان صاحب القيام بالليل لا يعرف عن دينه شيئا ولا احكامها ولا مبطلات عبادته ولا بما احل الله وحرمه فمن الافضل والاولى ان يتعلم دينه قبل كل شيء لأن العلم مقدم للعبادة والا كيف يعبد ربه وهل يجوز عبادة الله بجهالة   
قال الله تعالى (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم) تدل الاية الكريمة على ان العبد لابد من الضرورة ان يتعلم ويعلم من هو ربه ويزداد علما لمن يدعوا ثم يسأل الاستغفار والا كيف تعبد ربك بدون علم 
وقد حث الله عباده بتعلم دينهم ويتفقهوا بدرجة انه اذن القعود من الجهاد طائفة من المؤمنين لكي يتعلموا ويتفقهوا دينهم ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرونطلب العلم واهتمامه وحرصه هو أفضل العبادات التطوعية ... أفضل من قيام الليل وأفضل من صيام التطوع ... وأفضل العبادات لأن نفعه يتعدى الى غيره ، ينفع العامل نفسه وينفع غيره وهذا هو نفع عام له ولعامة المسلمين وكان امام الشافعي رحمه الله كان دائما يقول طلب العلم افضل من صلاة التطوع 
فلابد لمن يجهل بالعلم الشرعي وعلوم دينه ان يتعلم فذلك افضل من صلاة النافلة وقيام الليل من النوافل لأن الاشتغال بالعلم فرض كفاية فهو افضل من التنفل قال تعالى ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا) وهذا يدل على ان الله علم يحيى العلم والحكمة صبيا لأن العلم مقدم على العبادة والنبي صلى الله عليه وسلم اذا جاء له الوفود كان يعلم دينهم ويأمر اصحابه ان يعلموا الوفود وكان النبي يحث اصحابه دائما بتعلم العلم كان يقول (مَن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا؛ سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)
العلم يسبق عن العمل لأن لا عمل بدون علم والعلم يرشد صاحبه فهو دليل على عمله فلا عبادة بدون علم ولا يجوز ان تعبد الله بجهالة ونفع العبادة تنتهي بفراغ وقت نهايتها ولكن نفع العلم يبقى الى ما شاء الله وهذا يدل قول النبي صلى الله عليه وسلم (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏ "‏ إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ‏") فها هو علم العالم بقي حتى بعد مماته فانتفع به هو في حياته فانتفعوا الناس من بعد مماته 

No comments:

Post a Comment