Monday, 29 December 2014

هل العلم نعمة ام نقمة؟

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

ومن رحمة الله وكرمه وعظمته لم يترك عباده جهلة ولما يخاطبهم في كتابه العزيز يخاطبهم بصيغة التكريم والتشريف بقوله افلا يعقلون - افلا يتفكرون - افلا يتدبرون وعلم عباده بكل شتى العلوم ولم يرسل نبيا الا وقد علمه بكل العلوم (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) وهذا اول خلق الله واول نبي من انبيائه علمه قبل ان يهبط الى الارض بالامور الجزئية والكلية لأنه هيأه ان يكون خليفة في الارض ولابد من الضرورة في العلم والمعرفة لكي يدير هذا العالم الواسع الفسيح وكذلك علم جميع انبياءه والمرسلين ليدعوا الناس بالعلم ليخرجونهم من الظلمات الى النور ويعلموا الناس الكتاب والحكمة قال الله في حق نبيه (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) لأن الداعي لابد ان يكون عالما بما يدعوا الناس والا كيف يدعوا الناس وهو بغير علم 
وكذلك علم الله جميع خلقه بما ينفعهم وما لا يضرهم وما يتقربون به الى الله من علوم الشريعة ومعرفة دينهم وربهم ومعرفة احوال دنياهم بما ينتفعون به من بديع هذا الكون واسرار علومه وعجائبه وصنعة وقدرة ربهم لأنه اتقن خلقه قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ( 6 ) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ( 7 ) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ( 8 ) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ( 9 ) والنخل باسقات لها طلع نضيد ( 10 ) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج)
ومن الخطأ الفادح والجهل مما ينسبون اصحاب دول المصانع الكبرى بما يصنعون انه من صنعتهم ومن علمهم وافكارهم واختراعاتهم وادراكهم وانجازاتهم وهم مصدر اهل العلم والمعرفة وهذا انكار وجحود وتجاوز واستكبار بعظمة الله وقدرته لأن هؤلاء ركزوا عقولهم وانفسهم على علم المادة وعالم الشهادة فقط ولابد العالم ان ينسب العلم الى الله وان يقول ذلك مما علمني ربي انما العلم عند الله ولو تأملوا هؤلاء قليلا وراجعوا انفسهم كيف خلقهم الله قال تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) وهل اخرجوا من بطون امهاتهم بهذا العلم الذي يفتخرون به وينسبون الى انفسهم بغير حق لأن الذي علمهم هو الله (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ومع هذا انهم يستعملون بمصانعهم وصنعتهم بعناصر الارض ومشتقاتها من شتى المعادن التي اوجدها الله في بطون الارض وهو بما خلقه الله وهيأه لعباده اذاً ماذا صنعتم أيها المستكبرون المفتخرون بصنعتهم فان هؤلاء انبهروا بعجلة البحث والتقدم العلمي والتكنولوجي ونسوا ربهم فانساهم الله انفسهم فليعلم هؤلاء ان كل تقدم وكل علم وكل معرفة وصلوا فان مصدره من الله (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) هكذا هو التأدب مع الله والاعتراف بحدودية علم الخلائق مهما وصلوا من تقدم وانجازات وليعلم كل صانع وكل عالم ان كل ما صنع وكل ما وصل من تقدم وانجازات هو وعلمه ملك لله وعبد لله 
ومن هنا نذكر بعض العلوم والتقدم الذي اصبح نقمة للبشرية وفسادا للحياة البشرية  
- (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون
امتن الله بعباده وبرحمته ان الله خلق لهم الخيل والبغال والحمير للركوب وحمل الاثقال ودفع النفس بواسطتهم الضرر والاعياء والمشقة ووعدهم عباده انه سيخلق لهم في المستقبل ما لا يعلمون وقد انجز الله وعده وحاشاه ان يخالف وعده وقد وصل العلم قديما وحديثا باختراع السيارات والقطار والطائرات فهل استعملنا كل هذا بما امرنا الله وكيفية ما امرنا الله لنركبها زينة ونبلغ بها الى بلد بعيدة المدى ونحمل اثقالنا حتى لا نتعب ولا نجد المشقة ام خالفنا بما امرنا الله نعم قد خالفنا ان الطائرات النفاذة الحاملة بالمتفجرات والقنابل المحرمة يستعمل بابادة البشر وتدمير الديار وحرق الاخضر واليابس وافساد الارض بغير حق (وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)
وكذلك الدبابات التي تدمر ممتلكات البشر بعداوة وحقد وبغض وتقتل الصغير والكبير  والنساء الابرياء تدخل الى عقر دارهم اليس هذا العلم نقمة للبشرية وبئس هذا التقدم العلمي 
وقد سخر الله نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام بوسيلة النقل اسرع مما نحن وصلنا في عصرنا هذا واكثر تقدما ولكنه استعملها بما يرضي الله وبما ينفع الناس وبهداية الناس والدعوة الى الله (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) وكل هذا كان يقصد بهداية ملكة بلقيس الى دين الاسلام وقومها الذين كانوا يعبدون الشمس من دون الله وقد هداها الله بالاسلام (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
- (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
اباح الله لنا نشر الخبر والاذاعة من بيننا بما يحصل بين المسلمين والعالم باكمله من اقصى شرقه الى غربه ولكن بضوابط شرعية وتأكيد الخبر وتثبيته وتأكد صاحب الخبر ان كان فاسقا او صالحا ودون افشاء وتتبع اسرار الناس حتى لا يحصل الخلاف والعداوة والقتل بين المسلمين وغيرهم لكي لا نندم بافعالنا ولا نحكم بسوء الظن ولا الخبر الغير الواثق المتأكد وهل خالفنا بما امرنا الله 
ان في عصرنا هذا قد تقدم مجال النشر والاذاعة والجرائد والتلفاز بسرعة فائقة واتصال مباشر في الحادث في نفس الوقت اصبح وسائل النشر والاذاعة والجرائد اكبر فرية وكذب واشعال النار وايقاظ الفتن بين الدول والتحريش بين الفصائل والاحزاب وايقاع الفتن بين المسلمين والكفار وترويج الاخبار بدون تأكيد ولا تثبيت ولا صحة مصدره 
واصبح التلفاز يذيع ويبث الاعلانات الساخطة واشهار ونشر الدعارة والعرايا وافلام الخليعة المنحطة بدون التزام القيم والمبادىء البشرية وتذيع المسلسلات التي تدمر الاسرة والعشرة الزوجية بلا حياء وبلا خجل وبلا مخافة من الله واصبح كل قزم يقول وينطق ما يشاء لا رقيب ولا حسيب وتطاولوا السنتهم القذرة الانبياء والرسل ويسبون شعائر الاسلام الدينية وكل هذا يزعمون انه حرية القول وحرية الرأي والافكار من اين اتيت هذه الحرية يا قليل العقل اهي من الامم المتدحدة ام من الهيئات العالمية التي تدعي بالحرية الشخصية الم يعلموا هؤلاء ان الله سيحاسبهم كل لفيظ نطقوا بها (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) الا ترى ان هذا تقدما يفسد البشرية ونقمة لهم ويوقع بينهم العداوة والبغضاء والحسد والحروب والعداوة التي ما لا نهاية لها    
فكان نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام قد سخر الله له الهدهد في نقل الخبر ولكنه استعملها بما يرضي الله ويصون الاعراض وبنشر دعوة الله وبتأكيد الاخبار وخبر الهدهد  
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) فردت اليه الهدهد واخبرته بما رأته فقالت له (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) فلم يتسرع ولم يستعجل وانما قال لابد من التأكيد سبحان الله كان يتأكد حتى من اخبار الحيوانات الابرياء (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
- (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)
خلق الله هذه النجوم خلقا عظيما جليلا وفيها علوم شتى كثيرة هي زينة للسماء الدنيا ورجوما وطردا وحرقا وابعادا للشياطين حتى لا يقربوا سماء الدنيا وجعلها ايضا ليهتدي بها المسافر ليلا ونهارا برا وبحرا اذا عميت عليه الطرق وادلهمت له الخطوط والمسالك ويهتدون فيها مسالكهم وطرقهم التي يسيرون بها وتهتدي بها السفن النجوم نعمة جليلة وبها يكشف نزول الغيث ويكشف بها الزلازل وقد بين الله لنا في ءاية اخرى انها يهتدى بها في الظلمات في وقت الدجى في البر والبحر لان البحر فيها ظلمات كثيرة وكذلك المسافر في البر والسفن في البحر اذا تشابكت بهم الطرق والسبل جعل الله لهم خريطة الاهية يهتدى بها (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
وهل هذه النعمة استفدنا بها كما اراد الله 
هناك من يعبد النجوم من دون الله ويستغيثون النجوم ويطلبون منهم المطر كما قال الله في حديث قدسي (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب) (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
وهناك من استعمل هذه النجوم بالشعوذة والدجل والكهانة وتعليم علم التنجيم لمعرفة الحوادث ويسمون انفسهم عالم فلكي وعلماء النجوم ويقولون التنبؤات وما يحصل في المستقبل وفي السنة المقبلة والخرافات ويقولون ان هذه النجوم لها تأثير في الحوادث الفلكية والارضية ويستدلون ان نبيا من انبياء الله كان يخط (‏‏كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه؛ فذاك) فهذا ادعاء كاذب لأن هذا النبي كانت هذه معجزته الذي من الله به وسخر به فلا يشاركه احد من خلق الله لأن الانبياء معجزاتهم خاصة لهم ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر)
فهل هذا العلم الذي يشرك به الله وادعاءهم بالغيب والتنبؤات الفارغة يعتبر علما الا ترى انه نقمة وليس نعمة وليس علما معتبر ينتفع به البشر بل يفسدهم ويضلهم  


   

No comments:

Post a Comment