Monday, 29 December 2014

هل العلم نعمة ام نقمة؟

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

ومن رحمة الله وكرمه وعظمته لم يترك عباده جهلة ولما يخاطبهم في كتابه العزيز يخاطبهم بصيغة التكريم والتشريف بقوله افلا يعقلون - افلا يتفكرون - افلا يتدبرون وعلم عباده بكل شتى العلوم ولم يرسل نبيا الا وقد علمه بكل العلوم (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) وهذا اول خلق الله واول نبي من انبيائه علمه قبل ان يهبط الى الارض بالامور الجزئية والكلية لأنه هيأه ان يكون خليفة في الارض ولابد من الضرورة في العلم والمعرفة لكي يدير هذا العالم الواسع الفسيح وكذلك علم جميع انبياءه والمرسلين ليدعوا الناس بالعلم ليخرجونهم من الظلمات الى النور ويعلموا الناس الكتاب والحكمة قال الله في حق نبيه (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) لأن الداعي لابد ان يكون عالما بما يدعوا الناس والا كيف يدعوا الناس وهو بغير علم 
وكذلك علم الله جميع خلقه بما ينفعهم وما لا يضرهم وما يتقربون به الى الله من علوم الشريعة ومعرفة دينهم وربهم ومعرفة احوال دنياهم بما ينتفعون به من بديع هذا الكون واسرار علومه وعجائبه وصنعة وقدرة ربهم لأنه اتقن خلقه قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ( 6 ) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ( 7 ) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ( 8 ) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ( 9 ) والنخل باسقات لها طلع نضيد ( 10 ) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج)
ومن الخطأ الفادح والجهل مما ينسبون اصحاب دول المصانع الكبرى بما يصنعون انه من صنعتهم ومن علمهم وافكارهم واختراعاتهم وادراكهم وانجازاتهم وهم مصدر اهل العلم والمعرفة وهذا انكار وجحود وتجاوز واستكبار بعظمة الله وقدرته لأن هؤلاء ركزوا عقولهم وانفسهم على علم المادة وعالم الشهادة فقط ولابد العالم ان ينسب العلم الى الله وان يقول ذلك مما علمني ربي انما العلم عند الله ولو تأملوا هؤلاء قليلا وراجعوا انفسهم كيف خلقهم الله قال تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) وهل اخرجوا من بطون امهاتهم بهذا العلم الذي يفتخرون به وينسبون الى انفسهم بغير حق لأن الذي علمهم هو الله (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ومع هذا انهم يستعملون بمصانعهم وصنعتهم بعناصر الارض ومشتقاتها من شتى المعادن التي اوجدها الله في بطون الارض وهو بما خلقه الله وهيأه لعباده اذاً ماذا صنعتم أيها المستكبرون المفتخرون بصنعتهم فان هؤلاء انبهروا بعجلة البحث والتقدم العلمي والتكنولوجي ونسوا ربهم فانساهم الله انفسهم فليعلم هؤلاء ان كل تقدم وكل علم وكل معرفة وصلوا فان مصدره من الله (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) هكذا هو التأدب مع الله والاعتراف بحدودية علم الخلائق مهما وصلوا من تقدم وانجازات وليعلم كل صانع وكل عالم ان كل ما صنع وكل ما وصل من تقدم وانجازات هو وعلمه ملك لله وعبد لله 
ومن هنا نذكر بعض العلوم والتقدم الذي اصبح نقمة للبشرية وفسادا للحياة البشرية  
- (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون
امتن الله بعباده وبرحمته ان الله خلق لهم الخيل والبغال والحمير للركوب وحمل الاثقال ودفع النفس بواسطتهم الضرر والاعياء والمشقة ووعدهم عباده انه سيخلق لهم في المستقبل ما لا يعلمون وقد انجز الله وعده وحاشاه ان يخالف وعده وقد وصل العلم قديما وحديثا باختراع السيارات والقطار والطائرات فهل استعملنا كل هذا بما امرنا الله وكيفية ما امرنا الله لنركبها زينة ونبلغ بها الى بلد بعيدة المدى ونحمل اثقالنا حتى لا نتعب ولا نجد المشقة ام خالفنا بما امرنا الله نعم قد خالفنا ان الطائرات النفاذة الحاملة بالمتفجرات والقنابل المحرمة يستعمل بابادة البشر وتدمير الديار وحرق الاخضر واليابس وافساد الارض بغير حق (وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)
وكذلك الدبابات التي تدمر ممتلكات البشر بعداوة وحقد وبغض وتقتل الصغير والكبير  والنساء الابرياء تدخل الى عقر دارهم اليس هذا العلم نقمة للبشرية وبئس هذا التقدم العلمي 
وقد سخر الله نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام بوسيلة النقل اسرع مما نحن وصلنا في عصرنا هذا واكثر تقدما ولكنه استعملها بما يرضي الله وبما ينفع الناس وبهداية الناس والدعوة الى الله (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) وكل هذا كان يقصد بهداية ملكة بلقيس الى دين الاسلام وقومها الذين كانوا يعبدون الشمس من دون الله وقد هداها الله بالاسلام (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
- (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
اباح الله لنا نشر الخبر والاذاعة من بيننا بما يحصل بين المسلمين والعالم باكمله من اقصى شرقه الى غربه ولكن بضوابط شرعية وتأكيد الخبر وتثبيته وتأكد صاحب الخبر ان كان فاسقا او صالحا ودون افشاء وتتبع اسرار الناس حتى لا يحصل الخلاف والعداوة والقتل بين المسلمين وغيرهم لكي لا نندم بافعالنا ولا نحكم بسوء الظن ولا الخبر الغير الواثق المتأكد وهل خالفنا بما امرنا الله 
ان في عصرنا هذا قد تقدم مجال النشر والاذاعة والجرائد والتلفاز بسرعة فائقة واتصال مباشر في الحادث في نفس الوقت اصبح وسائل النشر والاذاعة والجرائد اكبر فرية وكذب واشعال النار وايقاظ الفتن بين الدول والتحريش بين الفصائل والاحزاب وايقاع الفتن بين المسلمين والكفار وترويج الاخبار بدون تأكيد ولا تثبيت ولا صحة مصدره 
واصبح التلفاز يذيع ويبث الاعلانات الساخطة واشهار ونشر الدعارة والعرايا وافلام الخليعة المنحطة بدون التزام القيم والمبادىء البشرية وتذيع المسلسلات التي تدمر الاسرة والعشرة الزوجية بلا حياء وبلا خجل وبلا مخافة من الله واصبح كل قزم يقول وينطق ما يشاء لا رقيب ولا حسيب وتطاولوا السنتهم القذرة الانبياء والرسل ويسبون شعائر الاسلام الدينية وكل هذا يزعمون انه حرية القول وحرية الرأي والافكار من اين اتيت هذه الحرية يا قليل العقل اهي من الامم المتدحدة ام من الهيئات العالمية التي تدعي بالحرية الشخصية الم يعلموا هؤلاء ان الله سيحاسبهم كل لفيظ نطقوا بها (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) الا ترى ان هذا تقدما يفسد البشرية ونقمة لهم ويوقع بينهم العداوة والبغضاء والحسد والحروب والعداوة التي ما لا نهاية لها    
فكان نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام قد سخر الله له الهدهد في نقل الخبر ولكنه استعملها بما يرضي الله ويصون الاعراض وبنشر دعوة الله وبتأكيد الاخبار وخبر الهدهد  
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) فردت اليه الهدهد واخبرته بما رأته فقالت له (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) فلم يتسرع ولم يستعجل وانما قال لابد من التأكيد سبحان الله كان يتأكد حتى من اخبار الحيوانات الابرياء (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
- (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)
خلق الله هذه النجوم خلقا عظيما جليلا وفيها علوم شتى كثيرة هي زينة للسماء الدنيا ورجوما وطردا وحرقا وابعادا للشياطين حتى لا يقربوا سماء الدنيا وجعلها ايضا ليهتدي بها المسافر ليلا ونهارا برا وبحرا اذا عميت عليه الطرق وادلهمت له الخطوط والمسالك ويهتدون فيها مسالكهم وطرقهم التي يسيرون بها وتهتدي بها السفن النجوم نعمة جليلة وبها يكشف نزول الغيث ويكشف بها الزلازل وقد بين الله لنا في ءاية اخرى انها يهتدى بها في الظلمات في وقت الدجى في البر والبحر لان البحر فيها ظلمات كثيرة وكذلك المسافر في البر والسفن في البحر اذا تشابكت بهم الطرق والسبل جعل الله لهم خريطة الاهية يهتدى بها (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
وهل هذه النعمة استفدنا بها كما اراد الله 
هناك من يعبد النجوم من دون الله ويستغيثون النجوم ويطلبون منهم المطر كما قال الله في حديث قدسي (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب) (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
وهناك من استعمل هذه النجوم بالشعوذة والدجل والكهانة وتعليم علم التنجيم لمعرفة الحوادث ويسمون انفسهم عالم فلكي وعلماء النجوم ويقولون التنبؤات وما يحصل في المستقبل وفي السنة المقبلة والخرافات ويقولون ان هذه النجوم لها تأثير في الحوادث الفلكية والارضية ويستدلون ان نبيا من انبياء الله كان يخط (‏‏كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه؛ فذاك) فهذا ادعاء كاذب لأن هذا النبي كانت هذه معجزته الذي من الله به وسخر به فلا يشاركه احد من خلق الله لأن الانبياء معجزاتهم خاصة لهم ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر)
فهل هذا العلم الذي يشرك به الله وادعاءهم بالغيب والتنبؤات الفارغة يعتبر علما الا ترى انه نقمة وليس نعمة وليس علما معتبر ينتفع به البشر بل يفسدهم ويضلهم  


   

Thursday, 25 December 2014

الايمان صانع المعجزات

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ (70) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ)
هكذا هو الايمان اذا تخلخل نوره في القلوب وترسخ شعاعه في اعماق القلوب هان المؤمن عليه كل شيء ولا يزعزعه الوعيد ولا الخوف فهؤلاء السحرة بعد ان كانوا ءامة الكفر والضلال وعظماء السحرة بعد ما رأو المعجزات والبراهين وصدق موسى عليه الصلاة والسلام لأنهم يعرفون السحر وما هو السحر ان هو الا شعوذة وخفة يد وصرف العيون عن حقيقة الاشياء والتخييل الكاذب عرفوا ان عصا موسى عليه الصلاة والسلام انها معجزة ربانية خارقة عن طود السحر وانما امر الاهي فاصبحوا لا يداخلهم شك ولا ريب في ذلك هانت انفسهم امام فرعون الجبار المتكبر الذي كان يقتل بغير حق بعد ان هددهم وخوفهم بالوعيد الشديد قالوا (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ. إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ. وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ) سبحان الله بعد ان كانوا يجلون فرعون ويعظمونه ويتخذونه الاهاً من دون الله ويطلبون منه القرب والرفعة والعزة والجائزة الكبرى (فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ( 41 ) قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين) اصبحوا يخافون ربهم وهانت انفسهم قالوا اصنع ما انت صانع انما امرك وسلطانك وكبريائك واستعلائك على الناس سيزول واستسلموا لله وهكذا الايمان قوته وعزته امام الجبابرة من القى الله نور الايمان على قلبه ورسخ الايمان في جوارحه لا يخاف لومة لائم
وهذا مصعب ابن عمير سفير رسول الله في مدينة المنورة الشاب اليافع اليانع كان في مقتبل الشباب وكان قبل ان يسلم شاب يحب الابهة وحسن الثياب والريح الطيبة نشأ منعماً مدللا يلبس الثياب الفاخر وكان زينة فتيان قريش ولما دخل نور الايمان في قلبه وذاق طعم الايمان وسمع رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اول من بادر وكان من السابقين الاوائل الذين ءامنوا رسول الله وكان يتردد بيت الارقم ابن الارقم ترك زخرف الدنيا وزينتها ولبس الخشن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه مصعب الخير وطبعاً كان كله خيراً ونعمة للاسلام رأى يوماً رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه مصعب ابن عمير مقطع ومرقع الجلباب بكى رسول الله في حال مصعب بعد ان كان شاباً منعماً مدللا ولما علمت امه وقومه باسلامه حبسته امه وهرب وفر منها هارباً الى ربه ودينه لينجوا من اذى المشركين وهاجر الى الحبشة ولما رجع من الهجرة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمهمة جليلة ان جعله سفيراً للمدينة المنورة فاقبل هذه المهمة بالسمع والطاعة وكان يّعلم اهل المدينة القرءان سراً ويدع الناس الى دين الله سرا واسلم بيده الكثير من اهل المدينة ما عدا المنافقين واليهود حتى جهز جمعاً غفيراً من الانصار ولما هاجر رسول الله الى المدينة استقبلوه بحفاوة ورحبوه باحسن ترحيب كل هذا من فضل وجهد مصعب ابن عمير
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
بلال سيدنا واعتقه سيدنا كان هذا شعار عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وهذا يدل على مكانة بلال في الاسلام وكيف اصبح بعد الاسلام بعد ان كان عبدا مملوكا لامية ابن خلف وكان يعذبه عذابا شديدا يخرجه بالظهيرة الى الصحراء في وقت شديد الحر فيطرح على جسده الحصى والحجارة الملتهبة عرياناً وكان يربط على عنقه الحبل ويأمر الصبيان وذوي العاهات ان يطوفوا به جبال مكة وطرقها وشعبها وكان بلال لا يتزحزح ايمانه ولا يتراجع قدر انملة ولا اقل من ذلك وكان يردد بمقولته الشهيرة التوحيدية احد احد وكان اشد تعذيبا اصحاب رسول الله وكان يمر عليه ورقة ابن نوفل وبلال يلصق ظهره بالرمضاء الشديدة الحرارة وبلال يردد احد احد فقال ورقة : أحِّدْ أحِّدْ يا بلال ، صبرا يا بلال نعم احد احد لقد صدقت يا بلال فوالله انه احد احد وكان يمر ابو بكر موقع تعذيب بلال فكان يقول لامية ابن خلف أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ واعتقه ابو بكر ودفع عنه بملغ اكثر مما يستحق ابتغاء لوجه الله وتكريما لهذا العبد الصالح الذي هانت نفسه امام عظمة الله وتمسك بايمانه وبعد ما هاجر رسول الله الى المدينة المنور جعل رسول الله بلالا مؤذن الاسلام ومؤذن رسول الله وكان هذا شرفا وفخرا لبلال رفع الاسلام اسمه وشرفه وكرامته واعزه الله بأن اصبح مؤذن رسول الله وفي فتح مكة يوم النصر الاكبر يوم ان اخذل الله الكفار والمشركين ورفع راية الاسلام امر رسول الله بلالا ان يؤذن فوق الكعبة ويعلن النصر واعلاء كلمة الله وكلمة الحق وهكذا الاسلام يرفع من تمسك بايمانه ولو كان عبدا حبشيا هو الايمان الذي لا يفرق بين السيد والعبد وابي جهل سيد القوم وسيد قريش في النار وبلال عبدا حبشي في الجنة بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة وهو حي يرزق (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال‏:‏ يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال‏:‏ ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي
وابو جندل ابن سهيل ابن عمرو تربى في بيت الشرك والكفر وقذف الله قلبه نور الايمان وجاء مقيدا بالقيود ومكبلا جاء مستغيثا للمسلمين مما يعيش من عذاب وقهر بسبب اسلامه في يوم صلح الحديبيه جاء قبل ان يوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقد بينه وبين الكفار وكان هذا العقد فيه بندا من بنوده ان يرد محمدا صلى الله عليه وسلم من يأتي اليه من قريش مسلما دون علم اهله والا ترد قريش من يأتيها مرتدا من المسلمين قال سهيل هذا يا محمد اول من اقاضيه عليه يقصد ابنه ان ترده الي فاعاده النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين فكان يقول ابو جندل يا معشر المسلمين أارد الى المشركين يقتلونني في ديني ويعذبونني شر العذاب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انا عقدنا بيننا وبين القوم عهدا وانا لا نغدر بهم ثم طمأنه النبي صلى الله عليه وسلم ابا جندل قال يا ابا جندل اصبر واحتسب فان الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا واخذ ابوه الى دار الكفر ثانية واخذ يعذبه وابا جندل لم يستسلم ولم ينقص ايمانه بذلك شيئا حتى بلغ غايته وكسر القيود مرة اخرى وهرب من بيت الشرك ومن دار الكفر الى دار الايمان وصل الى مدينة المنورة فمنعه رسول الله بدخول المدينة فقال يا ابا جندل ان بيني وبين القوم معاهدة فجاء طلب من سهيل ابن عمر ليردوا ابنه الى دار الكفر وانطلق ابا جندل مع الطلب ولما وصل بذي الحليفة قتل ابا جندل احد الرجلين ففر منهم فاسس عصبة قوية لا تستهان فكانوا يعترضون عير قريش الموجهة الى الشام وقتلوا من فيها واخذوا الاموال الذي كان يتاجرون بها فارسل المشركون الى النبي صلى الله عليه وسلم يناشدون بالله والرحم ويطلبون منه ان يحذف رسول الله من العقد الذي كان بينهم البند الظالم الذي كان ينص ان يرد محمدا صلى الله عليه وسلم من يأتي اليه من قريش مسلما دون علم اهله والا ترد قريش من يأتيها مرتدا الى المسلمين وان يؤوى هؤلاء العصابة الى المدينة وان يأمنهم فانظر ماذا صنع الايمان اذا تمسك صاحبه وتجلد وصبر ارغموا هؤلاء المؤمنين الصابرين على اسقاط شروط قريش التعسفية فزادت قوة المسلمين وقويت شوكتهم واشتد بأسهم بفضل هؤلاء العصابة المؤمنة هذا هي العقيدة القوية والايمان الراسخ الذي لا تحركه الرياح ولا تزلزله العواصف ولا تدغدغه الطمع الدنيوي والمادي وفتح ابا جندل بابا للمستضعفين في مكة ان يهربوا لدينهم ويفروا من هؤلاء المشركين ومن طغاتهم الى ان يلحقوا دار الايمان ودار الاسلام المدينة المنورة ويقوى ايمانهم ويثبتوا بدينهم.                                

Sunday, 21 December 2014

وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

ان به لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق وانه ليعلو ولا يعلى عليه
هذا القول اعتراف من كافر وعدو من اعداء الاسلام وعدو رسول الله اعترف بعظمة القرءان وعلو مقامه وحلو بلاغته وسمو معانيه والفاظه وعلوه على كل الكلام واعترافه على ان هذا ليس كلام البشر ولا كلام الشعراء 
حتى كاد لا يقدر يتحمل سماع القرءان من فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة (فصلت) ولما وصل رسول الله (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) طلب الوليد ان يسكت رسول الله وان يتوقف عن القراءة فقال له اناشدك الله والرحم - اناشدك الله والرحم ولم يقدر سماع مواصلة القرءان من الخوف والفزع بهذه الصاعقة الذي ذكر رسول الله في القرءان لانهم كانوا يعرفون ويعلمون علم اليقين ان النبي لا ينطق عن الهوى وقد بين الله ذلك في كتابه انهم يعلمون صدقية رسول الله وما انزل عليه ولكنهم يجحدون ويصدون عن الحق ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) لانهم كانوا معاندين ويصدون عن هذا الدين حسدا وجحودا واستكبارا وتمسكا يشعارهم انا وجدنا ءابائنا ولكنهم يعرفون ويقرون لنبوته ويعرفون بعلم ويقين صدق رسول الله وبما انزل الله اليه ومما يدل هذا ها هو الوليد يعترف بعظمة القرءان وخوفه بالصاعقة صاعقة عاد وثمود وكذلك لما بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم لامية بن خلف انه سيقتله في حرب بدر وكان يخاف خوفا شديدا بانه يعلم ان رسول الله يقول الحق وكلامه وحيي حتى قالت له زوجته فوالله لا يكذب محمدا     
وقبل ان يسمع الوليد ابن المغيرة بهذه السورة الكريمة كان ينكر هذا القرءان ويتهم النبي بشتى الاتهامات من السحر والكهانة والجنون فقال الله في حقه ( كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ(24) إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) ولكن لما سمع القرءان تغير
رأيه واعترف بعظمته وعلو شأنه حتى استغربوا قومه لما رجع اليهم قالوا و الله عاد الوليد بغير الوجه الذي ذهب فقال لقومه و الله لقد سمعت كلاماً ما سمعت مثله قط ثم قال إن لقوله لحلاوة , و إن لعليه لطلاوة , لأعلاه لمثمر , و إن لأسفله لمغدق , و إنه لا يعلى و لا يعلا عليه حتى قالوا لقد صبأت يا وليد فقال والله ما صبأت فقالوا له لقد سمعت من محمد شعرا وسحر الكلام فقال لهم ما هو بشاعر , لقد عرفنا الشعر كله رجزه و هزجه و قريضه و مقبوضه و مبسوطه , فما هو بالشعر 
فقالوا اذاً محمد كاهن قال لا , و الله , ما هو بكاهن , لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن و لا سجعه
فقالوا اذاً محمد مجنون وجنك بجنونه ويوحونه على الاساطير والاباطيل والخرافات
قال ما هو بمجنون , لقد رأينا الجنون و عرفناه , فما هو بخنقه , و لا تخالجه , و لا وسوسته .
فقالوا اذاً محمد ساحر جاء بالسحر والشعوذة 
فقال لهم ما هو بساحر , لقد رأينا السحار و سحرهم , فما هو بنفثهم و لا عقدهم . هكذا القرءان بعظمته يغير كل عنيد وجبار وقاسي القلب ومنكر الرسالة والوحيي ويلين قلبه ويعترف بعظمته سواء صدق وءامن ام لم يصدق ولكن الله ينطقه بلسانه كلمة الحق
هذا حال الكافر العنيد الذي كان يعيش في الجاهلية يعترف بعظمة القرءان
وماذا هو حالنا اليوم فقد ظهرت في هذه السنوات الاخيرة ملاحدة ومنكري عظمة القرءان واتهموا القرءان بالتناقض والاباطيل ومما يخالف العقل البشري ومع الاسف الشديد هؤلاء هم من ابناء الاسلام الذين تربوا في حضن الاسلام منذ طفولتهم الى ان صاروا علماء فبعضهم كانوا اساتذة للعقيدة والفقة وبعضهم كانوا دعاة للدين ولكن من سوء الحظ استحوذ عليهم الشيطان وملك عقولهم وانحرفوا على طريق الحق وبدلوا دينهم واصبحوا اعداء الاسلام وملاحدة اشد عداوة من اعداء الاسلام 
اين التناقض والاباطيل يا سفيه ويا قليل العقل اوما سمعت قول الله (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) اعلم يا هذا ان القرءان محفوظ من عند الله لا ينقص منه شيء فيأتيه الباطل من بين يديه ولا يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه ولا يأتيه التكذيب من الكتب الذي قبله لأن كلهم منزل من الله برسله ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله او ينسخه فيشكك المسلمين في عقيدتهم لأنه كتاب عزيز تنزيل من حكيم حميد
ان هذا الكتاب محكم من الله بتنظيمه وبديع معانيه ومتقن من الله اي نظمه نظما محكما لا يلحقه تناقض ومحكم الفاظه احكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه واحكمه من الدخل والخلل والاباطيل والتهم قال تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) كتاب الله لا ريب فيه ولا شك فيه هدى للمتقين  
وقد اكد ذلك نبينا ان هذا القرءان من الله وكلامه منزل من عند الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبشروا أبشروا ؛ أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قالوا : نعم ، قال : فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به ، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا)
وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا القرءان يحتوي بجميع العلوم ما ترك شيئا الا ذكر فيه خبر ما قبلنا ونبأ ما بعدنا ولا يشبع علمه واحكامه ومعانيه العلماء الاجلاء هو حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه وهو الشافي المشفي من كل مرض وزيغ واهواء من تمسك عصم ولا يشقى ومن ترك وهجر عنه هلك وانحرف عن الصراط المستقيم هو نور الله ومن اتبع هداه نجا ولا يزيغ ولا يضل ونجا من هوى النفس وسوئها وفتنها (حدثنا حسين بن علي عن حمزة الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث عن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كتاب الله فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة رد ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي من عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور
وهذا الكتاب محكم ومحفوظ ومهيمن ورقيب على كتب السماوية الاخرى الذي كان من قبله وشهدت الكتب السماوية الذي كانت من قبله وصدقته انه حق من عند الله وامينا على ما كان قبله من الكتب السماوية وشهيدا على كل الكتاب الذي انزلت على انبياء الله فهو امين وشاهد وحاكم هيمن على كل الكتب جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي ءاخر الكتب السماوية وخاتمها اشملها واعظمها واحكمها وجمع فيه محاسن ما قبله مما ليس فيه غيره وكفل الله تعالى بحفظه بنفسه الكريمة قال تعالى (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)
اذاً ايها الملاحدة الجهلة من اين اتيتم هذه التناقضات الذي اتهمتم به كتاب الله ومما لا يوافق به العقل وهل امرنا الله ان نعبده بالعقل ام بالنقل وهل قدرة العقل المحدودة ان تدرك رب العالمين وهل الكفار الذين كانوا يعيشون في عصر الجاهلية الذين كانوا يعاندون رسول الله ويعادونه ويجادلونه وينكرون الوحي والبعث والحشر اكثر منكم عقلا هاهم قد اعترفوا عظمة القرءان في تنسيقه وتنظيمه وبلاغته ومدحوه مدحا بليغا هل تعلم يا ملحد يا قليل العقل ان كفار مكة واعداء الدين ورسول الله مع انكارهم في هذا القرءان ولكنهم كانوا يتسللون بالليل ويختفي بعضهم على بعض في ظلام الليل مما اثر عليهم عظمة القرءان روى البيهقي أن جماعة من الكفار والمشركين كانوا يتسللون في ظلام الليل ليسمعوا القرآن من رسول الله وهو يصلي بالليل في بيته ، وقد أخذ كل واحد منهم مجلسه ليستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون القرآن ، حتى إذا أصبحوا وطلع الفجر ، إذا بهم يتفرقون فيجمعهم الطريق فيتساءلون أين كنتم؟ فيقولون: كنا نسمع القرآن من محمد بن عبدالله فتلاوموا على ذلك وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا لمثل هذا ، فلو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً، وتعاهدوا على عدم العودة إلى سماع القرآن مرة أخرى ، وعلى الرغم من ذلك ، تكرر منهم هذا الأمر مرتين بعد ذلك ؛ لسيطرة القرآن على قلوبهم ، وتأثرهم بآياته ولكن يمنعهم الكبر والحسد أن يؤمنوا برسول الله
ايها الملحد الزنديق شئت ام ابيت ان كتاب الله محفوظ لا تضره يد شلاء ولا تؤثره نبح الكلاب ولا حقد الحاقدين ولا المنكرين لا يحتاج منك نصرة محفوظ من قبل الله قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) حفظه الله من فوق سبع سماوات من امثالكم ايها الجهلة الفسقة الذين يدعون العلم ولستم شيئا 
ابشر ايها الملحد ان هذا الكتاب لا ريب فيه ولا شك فيه ولا تناقض فيه ولا يخالف العقل البشرية وهو هدى للمتقين الذين يؤمنون الله وانتم لستم من هؤلاء اتبعتم هواكم وغرتكم الدنيا الفانية واستحوذكم الشيطان مثلكم كمثل الذي انسلخ من نور الله وهداية الله وءاياته وبراهينه (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ( 175 ) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)    

  

   

Saturday, 13 December 2014

الدعوة الى الله

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم

(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)
الدعوة الى الله هو عمل شريف وفرض كفاية وقربة الى الله ومن عظم شأنها ورفعة قدرها هي مهمة الرسل والانبياء وبهذا السبب ارسل الله بهم ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور واظهار الحق وبيان الباطل من الزيغ وارشاد الناس الى سواء السبيل وجعل الله من بعدهم ان يتولى هذا العمل الشريف وهذه الرسالة العظيمة العلماء وذوي المعرفة واوولى النهى لأنهم ورثة الانبياء ان يكملوا هذه المسيرة فهي قائمة باذن الله مستمرة لا تتوقف الى ان يرث الله الارض ومن عليها شاء من شاء وابى من ابى
وهي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وفرض من فروض الله بدليل قول الله تعالى (والعصر( 1 ) إن الإنسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) امر الله ان يتواصوا الناس فيما بينهم بالخير والنصيحة النافعة والصبر وان يتواصوا بكلمة الحق واظهار الحق وبيانه ولا يخافوا لومة لائم 
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار‏")
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، - أَمْلاَهُ عَلَيْنَا - حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ، آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ ‏ "‏ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يُبَلَّغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ ‏"‏‏)
فعلى الداعي ان يتحلى بصفاة حميدة وخلق رفيعة والصبر واللين والعطف والا يكون ان ينتمي الى طائفة او حزب او جماعة معينة والا كيف يؤدي واجبه ان كان يكره طائفة ويحب اخرى وهذا مستحيل ولا يؤتي ثمرة جهده اكلها لأن الانبياء ما كانوا يفرقون بين الناس واقوامهم كان شعارهم (يا قومي) فقط او ايها الناس 
فلا ينبغي للداعي ان يكون قصده ابتغاء السمعة والجاه والتكسب او المجادلة والمراء لأن الانبياء كانوا يقولون لقومهم (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) وان لا يفرق بين المدعوين الى فرق وطوائف وان لا يوقذ بينهم الفتن فيما يختلفون من مذاهب واختلاف رأي ومما لابد ان يتبع سبيل الانبياء لأن الانبياء ما كانوا يقولون يا فلان ولا قبيلة معينة وما كانوا يكرهون اقوامهم وهم في حالة كفرهم وعنادهم إن الله لم يبعثني طعانا ولا لعانا، ولكن بعثني داعيا ورحمة... اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ولابد ان ينزل كل شىء منازله ويضع في مواضعها وان يتحرى بدقة وبعلم فائق وببصيرة مما يليق المدعوين قدر علمهم ووزنهم في الفهم ووضعهم في المعرفة وان يعرف حالهم وان لا يخالف ويسفه عرفهم السائد فيما بينهم الذي وافق بالدين ولا يخالف للدين 
وان يكون الداعي وسطيا والا يكون متشددا يجافى الناس عن الدين ولا يخفف عنهم تخفيفا يسيء الدين فعليه ان ينظر الموقف ويعطي كل ذي حق حقه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر حال الموقف وقال (وعنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا‏:‏ من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقالوا‏:‏ من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فكلمة أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ “أتشفع في حد من حدود الله تعالى‏؟‏‏!‏” ثم قام فاختطب ثم قال‏:‏ “إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد‏!‏ وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”) فبدأ بابنته حتى لا يظن الناس ظن السوء وكما كان نبي الله موسى في بداية رسالته بدأ لين الجانب لفرعون حتى لا يفر من دين الله ولكن لما رأى منه العناد والكفر والانكار وعدم الانصياع غير نبي الله موسى لغة رسالته الى فرعون وفال له (قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا
ولابد للداعي ان يمتلك شيئا من الحلم والاناة والحكمة والصبر ولين القول والرفق لأن اللين يولد الاستجابة والقبول من جانب المدعوين كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ‏.‏ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ‏"‏ لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا ‏"‏ ‏.‏ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ أَوْ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ ‏"‏ ‏.‏ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ‏")
وعلى الداعي مما لابد منه ان يتحلى للصبر والتحمل للاذى مما يواجه ويتعرض من طرف المدعوين ويتعامل معهم بسلوك حسنة وخلق رفيعة وتصرفات تطابق بالكتاب والسنة لأن الانبياء كانوا يتلقون من قومهم اذىً كثيرا وشتما وتهديدا بالقتل والنيل بعرضهم وشرفهم وكرامتهم (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)   
وبعض الانبياء كانوا يتلقون من قومهم بتهديد القتل واخراجهم من المدينة وابعادهم كما اخرجوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة ونبي الله لوط (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
ولابد للداعي ان يصبر ثمرة الدعوة ونجاحها لأنها لا تأتي اكلها في ليلة وضحاها تحتاج الى صبر وتحمل دون استعجال والا يقلل ويمل عدد متابعيه لأن نبي الله نوح دعى قومه الف سنة الا خمسين عاما وما ءامن معه الا قليل (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) وكان يدعوا قومه ليلا ونهارا من دون ملل ولا استياء استمر دعوته بهذه المدة الطويلة من جهد وتعب وتهديد وما ءامن معه الا قليل (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ( 5 ) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ( 6 ) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ( 7 ) ثم إني دعوتهم جهارا ( 8 ) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ( 9 ) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ( 10 ) يرسل السماء عليكم مدرارا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه (وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه ‏:‏ ‏ "‏فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من حمر النعم‏"
وعلى الداعي ان يستعمل الترغيب والترهيب في وقت واحد وان يلين القلوب القاسية ويدمع العيون الجامدة وان يخوف النفوس الامارة بالسوء بعذاب الله وغضب الله وسوء الخاتمة ويبشر النفس المطمئنة بالخير والبشارة ورحمة الله وجزائه يوم القيامة من جنات النعيم وان يقول لهم كلمات نافعة وان يأتي بالشاهد المناسب بالأيات والاحاديث (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)
ومما لا يبد للداعي ان يتعلم مما يناسب الناس من تفاوت سنهم وعقلهم والقرب لهم ولابد ان يراعي حال البيئة وان ينزل كل من منازلهم كما كانوا الانبياء والصالحين فلقمان كان يقول لابنه يا بني استعمل كلمة الرفق وحنان الابوة ونبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام استعمل نفس اللفظ يا بني (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وكذلك نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم استعمل بهذا اللفظ الحنون  يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله
ونبي الله ابراهيم ايضا لما كان ينصح ابوه لم يزجره ولم يتهمه بالجهل ولم يعنفه ولم يكفره كان يقول له قولا لينا فيه الرحمة يا ابت يا ابت ( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)
ونبي الله نوح كان ينصح ابنه وهو في حالة الكفر والعصيان والعناد والعقوق لوالده وعدم السمعة والطاعة كان يقول لابنه يا بني كلمة الشفقة والرحمة وكان لا يريد ان يكون ابنه مع الكافرين اظهره رحمة الابوة (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
ولما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
جمع رسول الله عشيرته الاقربين ونصحهم بنصيحة القربى والارحام ولم يعنفهم ولم يذكر بكفرهم ونزل كل احد وكل قبيلة بمنزلته بالرحمة واللين والترغيب والترهيب وعدم العنف والانكار بافعالهم وعدم السب مما يعبدون من دون الله (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ‏{‏وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ‏}‏ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى‏:‏ يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ‏.‏ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ‏.‏ يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ‏.‏ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ‏.‏ يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهُمَا بِبِلاَلِهَا)
وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم يستمر دعوته باللين والرحمة للاقرباء وذوي القربى واهل بيته وعشيرته وهو يتلقى من بعضهم السب والاذى وعدم الانصياع والتعند والعداوة والحقد والبغضاء والكراهية (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ ‏"‏ يَا صَبَاحَاهْ ‏"‏ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ ‏"‏ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ‏"‏‏.‏ قَالُوا بَلَى‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}
فاعلم يا اخي المسلم ان الدعوة تحتاج الى علم ودراية وتفقه في الدين والحلم والاناه والصبر والامتثال باوامر الله قبل ان تدعوا الناس لابد ان تبدأ من نفسك وتصلح حال نفسك ومن العار ان تنصح الناس وانت ليس من اهله وتأتي الفواحش لابد ان يطابق قولك بفعلك وحركتك وسكناتك 
وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم 
ومما فقدنا في عصرنا هذا الدعوة الصحيحة والدعاة الصادقين الملتزمين بكتاب الله وسنته مما ادى هذا الى ان فر الناس بدينهم وشكوا الناس بدينهم لأنهم رأو دعاة يقولون ما لا يعلمون وينهون من الناس ما لا ينتهون هم واختلط الحابل بالنابل وتفرعت وتفرقت اساليب الدعوة فمنهم من ينكر شيئا وءاخرون يؤيدون فاصبح الناس حائرين لا يعرفون من الصواب على الحق ومن المخطىء 
فكذلك في الغرب مع الاسف الشديد ان المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد معاملتهم لا تطابق دين الاسلام البتة بل تخالف الدين مما ادى هذا الى نفور الكفار عن ديننا واتهموا ديننا بشتى الالفاظ المخزية والسخرية والتهكم بمشاعر المسلمين وسب رسولهم وهذا بسبب المسلمين وليس بسببهم لأنهم قوم يبحثون الحق ومحتاجين الى دين صحيح ولكن لم يجدوا هذا من المسلمين الذين يعيشون في اوطانهم  
ان هؤلاء الغربيين محتاجون الى دين الحق لأنهم ذاقوا مرارة الشرك والكفر والعصيان والفواحش ما ظهر منها وما بطن ويريدون ان يتحرروا من قبضة الشيطان وعبودية الفواحش وهذا مما بين الله في كتابه العزيز (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
كل هذه الايات تدل على انهم باحثين بالحق والدين الصحيح والطريق المستقيم ولكن لم يتلقوا من المسلمين من يرحبهم ويدعوهم الى سواء السبيل بل المسلمين في بلد الغرب يخالفون دينهم قولا وفعلا وعملا وانى يدعون الكفار الى دينهم ماداموا هم ليسوا من اهل هذا الدين هذا امر مستحيل
هؤلاء الغربيين يحتاجون الى دعاة صادقين يخدمون لدينهم قولا وفعلا وعملا ولا يخافون لومة لائم ولا يبتغون وراء ذلك شهرة ولا سمعة ولا اجر ان اجري الا على الله لابد ان يكون شعارهم هذا شعار الانبياء والمرسلين ولا ينفرون الناس بدينهم بافعالهم واقوالهم ولباسهم ومعاملتهم لأن الدين ليس عبادة فقط واداء الشعائر والطقوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)       





      
        



Monday, 8 December 2014

وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
هو يوم الفزع الاكبر يوم يجعل الله الولدان شيبا من شدة اهوالها وكربها وخوفها وعظمة احوالها وذلك حين يقول اللّه تعالى لآدم: ابعث بعث النار، فيقول: من كم؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة 
ماذا اعدت لهذا اليوم من الزاد والتقوى والاستعداد لوقوف وامتثال امام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ولما كان ينصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من هول هذا اليوم لابي ذر الغفاري قال له (جدد السفينة ، فإن البحر عميق ..وأكثر الزاد فإن السفر طويل وخفف الحمل فإن العقبة كؤدد ..وأخلص العمل فإن الناقد بصير فاليوم عمل لا حساب ، وغداً حساب لا عمل)
يوم يفر كل منا على الأخر ويفر منك الاقرب الاقربين على عظمة هذا اليوم وكل واحد يقول نفسي نفسي من شدة الهول وخوفه بما قدم واخر ولا يدري ماذا سيواجه بهذا اليوم 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، إني سائلتك عن حديث أخبرني أنت به ، قال : " إن كان عندي منه علم " قالت : يا نبي الله كيف يحشر الرجال ؟ قال : " حفاة عراة " ، ثم انتظرت ساعة فقالت : يا نبي الله كيف يحشر النساء ؟ قال : " كذلك حفاة عراة " ، قالت : واسوأتاه من يوم القيامة ، قال : " وعن ذلك تسأليني ؟ إنه قد نزلت علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أم لا " ، قالت : أي آية هي يا نبي الله ؟ قال : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه)) هي يوم الحسرة والندامة والتفريط فان كان مسيئا ندم لتفريطه بما قدم يقول في نفسه يا ويلتى على ما ضيعت من العمل بما امرني ربي وقصرت في طاعة الله واجتناب المعاصي يتحسر في التفريط على التوبة والانابة ويود لو كان من المخلصين والمتقين وان كان محسنا ندم بتقصيره على ما قدم هذا اليوم وضيع اوقاته بقلة العبادة ومما فاتته من الايام الخالية يود لو يعيد الى الدنيا فيكثر العمل الصالح (أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ( 56 ) أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقينقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم (كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " . قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر ")
هي يوم ان ترجع الى الله كما خلقك اول مرة ضعيفا وحيدا لا انيس لك ولا شفيعة ولا مال ولا جاه ولا حشم ولا خدم ولا سلطة حافيا عاريا غرلا كما ولدتك امك وتركت وراء ظهرك كل ما كنت تتباهى به وتفتخر به من مال وولد وعلم وقوة اي من النعم والمال الذي جمعته وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس "(ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) سألت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قول الله ولقد جئتمونا فرادى (فقالت : واسوأتاه ، إن الرجال والنساء يحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه لا ينظر الرجال إلى النساء ، ولا النساء إلى الرجال ، شغل بعضهم عن بعض
هي يوم تقدم الملائكة المكلفة بالسجلات والصحائف باعمال العباد الذين لا يفارقوننا اين ما كنا وحيثما حلينا ويلازموننا في كل سكناتنا وحركاتنا (عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) يقدمون لرب العالمين الصحائف والكتب والسجلات مما كتبت من خير وشر واعمال العباد من الذنوب الكبيرة والصغيرة ومن محقراتها التي كان لا يبالونها ولا يعطونها وزنا ولا يهتمون بها ومن اعمال الخير من جلها وقليلها ويقول المرء ذلك اليوم مستغربا ومعجبا لانه يرى مما صدر عنه كثيره وقليله وعمله حاضرا ليس منه شيئا غائبا ولا منسيا (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا
ويردهم الله عليهم انا كنا نأمر الحفظة ان تكتب اعمالكم من غير زيادة ولا نقصان ولا يظلمونكم بشيء مما عملتم من خير وشر وتفريط واهمال ومما عملتم المنكر والمعروف ولم يكتبوا الحفظة عليكم غير ما عملتم لانكم ذكرتم ما كان منكم ولا ينسى احد شيئا مما كان منه وكل احد يقرأ كتابه بنفسه وان الله عز وجل لا يظلم في الجزاء ان كان خيرا فخيرا وان كان شرا فشرا فبعض الناس يؤتى كتابهم بيمينهم وبعضهم يؤتى كتابهم بشمالهم وبعضهم يؤتى كتابهم وراء ظهورهم (هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
ولذلك ان ربك لا يظلمك من عملك شيئا ومن رحمته يكتب لك عملك وان كنت مريضا لا تقدر القيامة به ويجزيك ويثيبك من غير ان تعمل بالاعمال المواظبة التي كنت تعملها كل يوم وحزبك الذي داومت بها في حياتك (ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه ، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة : يا ربنا ، عبدك فلان ، قد حبسته ؟ فيقول الرب جل جلاله : اختموا له على مثل عمله ، حتى يبرأ أو يموت ")
وان انكر المرء كل هذه الصحف ودعى الملائكة انهم ظلموهم وكتبوا له مما لم يعمل يقول الله سبحانه وتعالى (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) ويقول ايضا جل شأنه (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين)
اخي المسلم الارض تشهد مما عملت على وجه الارض من خير وشر وظلم وفساد وفواحش الم تسمع قول الله وقال الانسان مالها يومئذ تحدث اخبارها بأن ربك اوحى لها وقول الله ايضا انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم وكل شيء احصيناه في امام مبين.  وهكذا ان ءاثارك مكتوبة عند الله وما قدمت لله اين وضعتها وبما وضعتها وكل شيء يحصى الله لك ولا يظلم الله احدا
هو يوم الفرح والجزاء الاعظم الاكبر يوم الدين يوم يدان كل امرىء بما فعل (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ)
يوم يجازي الله المتقين باعمالهم الصالحة بقيامهم بظلمة الليل وسكونه والناس النيام وكانوا يتلون كتاب الله حق تلاوته الذين كانوا يستأنسون ربهم بغفلة الغافلين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحارهم يستغفرون المشائين في الظلمات الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور التام بهذا اليوم هو يوم الفرح الاكبر لمن قدم كتابه بيمينه ويصرخ امام الملأ الاعظم والجمع الغفير فرحا وسرورا حينما يرى انه نجا من فضيحة هذا اليوم ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ( 19 ) إني ظننت أني ملاق حسابيه ( 20 ) فهو في عيشة راضية ( 21 ) في جنة عالية ( 22 ) قطوفها دانية ( 23 ) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
يوم يرحب الله ضيوفه المتقين بالجنة اهل الزهد والشهداء والصالحين معززين مكرمين يرحبون بالجنة وابوابها مفتحة  (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
- ايتها المرأة السافرة المتبرجة التي هتكت سترة الحياء وتعديت حدود شرع الله وبعت دينك بدنياك بثمن زهيد لا قيمة له التي فتنت بجمالها الساحر بضعاف القلوب من الرجال وهيجت غريزة شهوة الرجال واغريتهم بحركاتك واصبحوا سكارى ولكنهم ليسوا بسكارى ولكن فتنتك واغرائك سكرتهم واتيت بهم عن اليمين والشمال ومن الخلف والامام الا تتقي الله الم يأمرك ربك الا تتعطري عند خروجك من البيت والا تكشفي جسمك ولا تضربي رجلك على الارض ولا ترفعي صوتك ولا تتبرجي الم تسمعي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏ ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء‏") اليس من الافضل ان تخمدي نيران فتنتك واغرائك واغوائك على الرجال كم فرقت بين الاحباء وخربت وافسدت بيوت الازواج من اجل فتنتك وانحرفوا ضعاف القلوب والايمان بسببك الم تسمعي قول رسول الله (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏ إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء‏"
الا تهتمي نصيحة رسول الله حتى ينجوا امة المسلمين من فتنة بني اسرائيل الم يخطري بالك ولو يوما بهذه الاية الكريمة     وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ فان نسيتي هذه الاية الكريمة فاعلمي ان الله سينساك ولا يكلمك يوم القيامة ولا ينظر اليك ماذا انتي فاعلة لو احال الله بينك وبين التوبة (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون) وكانت خاتمتك بهذه الحالة المخزية سوء الخاتمة 
- ايها الحاكم الظالم المستبد يا من ظلم رعيته وحرمت عليهم حريتهم ومنعت عنهم عبادة ربهم واحللت لهم بما حرم الله وحرمت لهم بما احل الله وحكمت عنهم بما لم ينزل به الله ونشرت الفاحشة في المجتمع بما لم يرضي الله الم تعلم ان من عادى وليا من اولياء الله ان الله سيحاربه وينصر وليه الم تعلم ان الله قد لعن الذين لم ينكرون المنكر ولم يأمرون بالمعروف (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ( 78 ) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)  الا تدري ان الله سيناديك باسمك يوم القيامة ويكلمك بدون ترجمان قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا سَيُكَلِّمُ رَبَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ، ثُمَّ يَنْظُرُ مَنْ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ ، فَلا يَرَى إِلا مَا قَدَّمَ ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَرَى إِلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا النَّارَ , وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ") الا تخاف ان يرد الله عليك توبتك ان اردت ان تتوب كما ردها فرعون لعنة الله عليه ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون
- ايها الغني يا من استكبر بماله وانفقها بما يغضب الله وبما يصد عن سبيل الله وفعل الفواحش وحرم الفقراء بحقهم ان الله امنك بهذا المال على ان تؤدي حقه ويمتحنك بها
الا تخاف ان يعذبك الله بهذا المال (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون
الا تخاف ان يحول الله لك بما تشتهي كل نفس عند خواتيمها (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب)