بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه وسلم
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)
الدعوة الى الله هو عمل شريف وفرض كفاية وقربة الى الله ومن عظم شأنها ورفعة قدرها هي مهمة الرسل والانبياء وبهذا السبب ارسل الله بهم ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور واظهار الحق وبيان الباطل من الزيغ وارشاد الناس الى سواء السبيل وجعل الله من بعدهم ان يتولى هذا العمل الشريف وهذه الرسالة العظيمة العلماء وذوي المعرفة واوولى النهى لأنهم ورثة الانبياء ان يكملوا هذه المسيرة فهي قائمة باذن الله مستمرة لا تتوقف الى ان يرث الله الارض ومن عليها شاء من شاء وابى من ابى
وهي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وفرض من فروض الله بدليل قول الله تعالى (والعصر( 1 ) إن الإنسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) امر الله ان يتواصوا الناس فيما بينهم بالخير والنصيحة النافعة والصبر وان يتواصوا بكلمة الحق واظهار الحق وبيانه ولا يخافوا لومة لائم
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار")
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، - أَمْلاَهُ عَلَيْنَا - حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ، آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ " لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يُبَلَّغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ ")
فعلى الداعي ان يتحلى بصفاة حميدة وخلق رفيعة والصبر واللين والعطف والا يكون ان ينتمي الى طائفة او حزب او جماعة معينة والا كيف يؤدي واجبه ان كان يكره طائفة ويحب اخرى وهذا مستحيل ولا يؤتي ثمرة جهده اكلها لأن الانبياء ما كانوا يفرقون بين الناس واقوامهم كان شعارهم (يا قومي) فقط او ايها الناس
فلا ينبغي للداعي ان يكون قصده ابتغاء السمعة والجاه والتكسب او المجادلة والمراء لأن الانبياء كانوا يقولون لقومهم (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) وان لا يفرق بين المدعوين الى فرق وطوائف وان لا يوقذ بينهم الفتن فيما يختلفون من مذاهب واختلاف رأي ومما لابد ان يتبع سبيل الانبياء لأن الانبياء ما كانوا يقولون يا فلان ولا قبيلة معينة وما كانوا يكرهون اقوامهم وهم في حالة كفرهم وعنادهم إن الله لم يبعثني طعانا ولا لعانا، ولكن بعثني داعيا ورحمة... اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ولابد ان ينزل كل شىء منازله ويضع في مواضعها وان يتحرى بدقة وبعلم فائق وببصيرة مما يليق المدعوين قدر علمهم ووزنهم في الفهم ووضعهم في المعرفة وان يعرف حالهم وان لا يخالف ويسفه عرفهم السائد فيما بينهم الذي وافق بالدين ولا يخالف للدين
وان يكون الداعي وسطيا والا يكون متشددا يجافى الناس عن الدين ولا يخفف عنهم تخفيفا يسيء الدين فعليه ان ينظر الموقف ويعطي كل ذي حق حقه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر حال الموقف وقال (وعنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمة أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟!” ثم قام فاختطب ثم قال: “إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد! وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”) فبدأ بابنته حتى لا يظن الناس ظن السوء وكما كان نبي الله موسى في بداية رسالته بدأ لين الجانب لفرعون حتى لا يفر من دين الله ولكن لما رأى منه العناد والكفر والانكار وعدم الانصياع غير نبي الله موسى لغة رسالته الى فرعون وفال له (قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا)
ولابد للداعي ان يمتلك شيئا من الحلم والاناة والحكمة والصبر ولين القول والرفق لأن اللين يولد الاستجابة والقبول من جانب المدعوين كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن فتى شابا أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا واللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللَّهمّ اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء)
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ " لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا " . فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ أَوْ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ " . ثُمَّ قَالَ " إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ")
وعلى الداعي مما لابد منه ان يتحلى للصبر والتحمل للاذى مما يواجه ويتعرض من طرف المدعوين ويتعامل معهم بسلوك حسنة وخلق رفيعة وتصرفات تطابق بالكتاب والسنة لأن الانبياء كانوا يتلقون من قومهم اذىً كثيرا وشتما وتهديدا بالقتل والنيل بعرضهم وشرفهم وكرامتهم (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ " لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا " . فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ أَوْ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ " . ثُمَّ قَالَ " إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ")
وعلى الداعي مما لابد منه ان يتحلى للصبر والتحمل للاذى مما يواجه ويتعرض من طرف المدعوين ويتعامل معهم بسلوك حسنة وخلق رفيعة وتصرفات تطابق بالكتاب والسنة لأن الانبياء كانوا يتلقون من قومهم اذىً كثيرا وشتما وتهديدا بالقتل والنيل بعرضهم وشرفهم وكرامتهم (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)
وبعض الانبياء كانوا يتلقون من قومهم بتهديد القتل واخراجهم من المدينة وابعادهم كما اخرجوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة ونبي الله لوط (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
ولابد للداعي ان يصبر ثمرة الدعوة ونجاحها لأنها لا تأتي اكلها في ليلة وضحاها تحتاج الى صبر وتحمل دون استعجال والا يقلل ويمل عدد متابعيه لأن نبي الله نوح دعى قومه الف سنة الا خمسين عاما وما ءامن معه الا قليل (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) وكان يدعوا قومه ليلا ونهارا من دون ملل ولا استياء استمر دعوته بهذه المدة الطويلة من جهد وتعب وتهديد وما ءامن معه الا قليل (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ( 5 ) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ( 6 ) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ( 7 ) ثم إني دعوتهم جهارا ( 8 ) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ( 9 ) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ( 10 ) يرسل السماء عليكم مدرارا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه (وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من حمر النعم")
وعلى الداعي ان يستعمل الترغيب والترهيب في وقت واحد وان يلين القلوب القاسية ويدمع العيون الجامدة وان يخوف النفوس الامارة بالسوء بعذاب الله وغضب الله وسوء الخاتمة ويبشر النفس المطمئنة بالخير والبشارة ورحمة الله وجزائه يوم القيامة من جنات النعيم وان يقول لهم كلمات نافعة وان يأتي بالشاهد المناسب بالأيات والاحاديث (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)
ومما لا يبد للداعي ان يتعلم مما يناسب الناس من تفاوت سنهم وعقلهم والقرب لهم ولابد ان يراعي حال البيئة وان ينزل كل من منازلهم كما كانوا الانبياء والصالحين فلقمان كان يقول لابنه يا بني استعمل كلمة الرفق وحنان الابوة ونبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام استعمل نفس اللفظ يا بني (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وكذلك نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم استعمل بهذا اللفظ الحنون يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله
ونبي الله ابراهيم ايضا لما كان ينصح ابوه لم يزجره ولم يتهمه بالجهل ولم يعنفه ولم يكفره كان يقول له قولا لينا فيه الرحمة يا ابت يا ابت ( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)
ونبي الله نوح كان ينصح ابنه وهو في حالة الكفر والعصيان والعناد والعقوق لوالده وعدم السمعة والطاعة كان يقول لابنه يا بني كلمة الشفقة والرحمة وكان لا يريد ان يكون ابنه مع الكافرين اظهره رحمة الابوة (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ)
ولما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
جمع رسول الله عشيرته الاقربين ونصحهم بنصيحة القربى والارحام ولم يعنفهم ولم يذكر بكفرهم ونزل كل احد وكل قبيلة بمنزلته بالرحمة واللين والترغيب والترهيب وعدم العنف والانكار بافعالهم وعدم السب مما يعبدون من دون الله (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهُمَا بِبِلاَلِهَا)
وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم يستمر دعوته باللين والرحمة للاقرباء وذوي القربى واهل بيته وعشيرته وهو يتلقى من بعضهم السب والاذى وعدم الانصياع والتعند والعداوة والحقد والبغضاء والكراهية (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ " يَا صَبَاحَاهْ " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ". قَالُوا بَلَى. قَالَ " فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ". فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} )
فاعلم يا اخي المسلم ان الدعوة تحتاج الى علم ودراية وتفقه في الدين والحلم والاناه والصبر والامتثال باوامر الله قبل ان تدعوا الناس لابد ان تبدأ من نفسك وتصلح حال نفسك ومن العار ان تنصح الناس وانت ليس من اهله وتأتي الفواحش لابد ان يطابق قولك بفعلك وحركتك وسكناتك
ولابد للداعي ان يصبر ثمرة الدعوة ونجاحها لأنها لا تأتي اكلها في ليلة وضحاها تحتاج الى صبر وتحمل دون استعجال والا يقلل ويمل عدد متابعيه لأن نبي الله نوح دعى قومه الف سنة الا خمسين عاما وما ءامن معه الا قليل (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) وكان يدعوا قومه ليلا ونهارا من دون ملل ولا استياء استمر دعوته بهذه المدة الطويلة من جهد وتعب وتهديد وما ءامن معه الا قليل (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ( 5 ) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ( 6 ) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ( 7 ) ثم إني دعوتهم جهارا ( 8 ) ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ( 9 ) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ( 10 ) يرسل السماء عليكم مدرارا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه (وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من حمر النعم")
وعلى الداعي ان يستعمل الترغيب والترهيب في وقت واحد وان يلين القلوب القاسية ويدمع العيون الجامدة وان يخوف النفوس الامارة بالسوء بعذاب الله وغضب الله وسوء الخاتمة ويبشر النفس المطمئنة بالخير والبشارة ورحمة الله وجزائه يوم القيامة من جنات النعيم وان يقول لهم كلمات نافعة وان يأتي بالشاهد المناسب بالأيات والاحاديث (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)
ومما لا يبد للداعي ان يتعلم مما يناسب الناس من تفاوت سنهم وعقلهم والقرب لهم ولابد ان يراعي حال البيئة وان ينزل كل من منازلهم كما كانوا الانبياء والصالحين فلقمان كان يقول لابنه يا بني استعمل كلمة الرفق وحنان الابوة ونبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام استعمل نفس اللفظ يا بني (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وكذلك نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم استعمل بهذا اللفظ الحنون يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله
ونبي الله ابراهيم ايضا لما كان ينصح ابوه لم يزجره ولم يتهمه بالجهل ولم يعنفه ولم يكفره كان يقول له قولا لينا فيه الرحمة يا ابت يا ابت ( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)
ونبي الله نوح كان ينصح ابنه وهو في حالة الكفر والعصيان والعناد والعقوق لوالده وعدم السمعة والطاعة كان يقول لابنه يا بني كلمة الشفقة والرحمة وكان لا يريد ان يكون ابنه مع الكافرين اظهره رحمة الابوة (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ)
ولما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
جمع رسول الله عشيرته الاقربين ونصحهم بنصيحة القربى والارحام ولم يعنفهم ولم يذكر بكفرهم ونزل كل احد وكل قبيلة بمنزلته بالرحمة واللين والترغيب والترهيب وعدم العنف والانكار بافعالهم وعدم السب مما يعبدون من دون الله (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ. يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهُمَا بِبِلاَلِهَا)
وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم يستمر دعوته باللين والرحمة للاقرباء وذوي القربى واهل بيته وعشيرته وهو يتلقى من بعضهم السب والاذى وعدم الانصياع والتعند والعداوة والحقد والبغضاء والكراهية (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ " يَا صَبَاحَاهْ " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا مَا لَكَ قَالَ " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ". قَالُوا بَلَى. قَالَ " فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ". فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
فاعلم يا اخي المسلم ان الدعوة تحتاج الى علم ودراية وتفقه في الدين والحلم والاناه والصبر والامتثال باوامر الله قبل ان تدعوا الناس لابد ان تبدأ من نفسك وتصلح حال نفسك ومن العار ان تنصح الناس وانت ليس من اهله وتأتي الفواحش لابد ان يطابق قولك بفعلك وحركتك وسكناتك
وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ومما فقدنا في عصرنا هذا الدعوة الصحيحة والدعاة الصادقين الملتزمين بكتاب الله وسنته مما ادى هذا الى ان فر الناس بدينهم وشكوا الناس بدينهم لأنهم رأو دعاة يقولون ما لا يعلمون وينهون من الناس ما لا ينتهون هم واختلط الحابل بالنابل وتفرعت وتفرقت اساليب الدعوة فمنهم من ينكر شيئا وءاخرون يؤيدون فاصبح الناس حائرين لا يعرفون من الصواب على الحق ومن المخطىء
فكذلك في الغرب مع الاسف الشديد ان المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد معاملتهم لا تطابق دين الاسلام البتة بل تخالف الدين مما ادى هذا الى نفور الكفار عن ديننا واتهموا ديننا بشتى الالفاظ المخزية والسخرية والتهكم بمشاعر المسلمين وسب رسولهم وهذا بسبب المسلمين وليس بسببهم لأنهم قوم يبحثون الحق ومحتاجين الى دين صحيح ولكن لم يجدوا هذا من المسلمين الذين يعيشون في اوطانهم
ان هؤلاء الغربيين محتاجون الى دين الحق لأنهم ذاقوا مرارة الشرك والكفر والعصيان والفواحش ما ظهر منها وما بطن ويريدون ان يتحرروا من قبضة الشيطان وعبودية الفواحش وهذا مما بين الله في كتابه العزيز (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
كل هذه الايات تدل على انهم باحثين بالحق والدين الصحيح والطريق المستقيم ولكن لم يتلقوا من المسلمين من يرحبهم ويدعوهم الى سواء السبيل بل المسلمين في بلد الغرب يخالفون دينهم قولا وفعلا وعملا وانى يدعون الكفار الى دينهم ماداموا هم ليسوا من اهل هذا الدين هذا امر مستحيل
هؤلاء الغربيين يحتاجون الى دعاة صادقين يخدمون لدينهم قولا وفعلا وعملا ولا يخافون لومة لائم ولا يبتغون وراء ذلك شهرة ولا سمعة ولا اجر ان اجري الا على الله لابد ان يكون شعارهم هذا شعار الانبياء والمرسلين ولا ينفرون الناس بدينهم بافعالهم واقوالهم ولباسهم ومعاملتهم لأن الدين ليس عبادة فقط واداء الشعائر والطقوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)
No comments:
Post a Comment